يحدث أن يتلقى العقل معلومات كعادته، ولكنه يحللها بطريقة خاطئة ويبني عليها قرارات غير صائبة، أو تجد، أن المرء يرى الأشياء بطريقة تدعم ما يصدقه بالفعل، لذا، تجدنا في كثير من الأحيان، نتبنى وجه نظر، ومن ثم نحولها إلى نظرية، ثم نعمل جاهدين لإثباتها، ويؤثر في ذلك عوامل عدة منها النظرة القاصرة، قلة المعلومات، الانطباعات المسبقة، عدم التجرد، والوهم.
وفي دراسة للباحث دايننج كروجر، اكتشف من خلالها، أن الجاهل هو أكثر الناس ثقة بنفسه وبمعلوماته، بينما كلما زاد علم المرء، قلت ثقته بنفسه، لان العاقل كلما بحث واطلع، تعرف بشكل أكبر على مقدار جهله، فقلت ثقته بنفسه، بينما يزداد الجاهل ثقة بنفسه، بمجرد اطلاعه على معلومة بسيطة، أو تلقيه لخبر معين، لذا؛ تجده يتحدث وكأنه خبير استراتيجي، أو عالم متبحر، وقد قيل:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله.. وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
ومن ذلك، أنك إذا تحدثت إلى شخص ما عن مشكلة طبية، تجد أنه وهو لا يملك شهادة طبية من جامعة موثوقة، يصف لك علاجا فوريا لمشكلتك، بمجرد أنه عانى من مشكلة مشابهة، أو قراء أو سمع عن علاج لها، في حين أنك لو ذهبت إلى طبيب مختص، سيحتاج إلى أن يطلع على ملفك الطبي، ومن ثم سيقوم بطرح عدد من الأسئلة عليك، ثم يقوم بفحصك، وقد يجرى لك بعض التحاليل اللازمة، قبل أن يتمكن من إعطائك الدواء المناسب لحالتك.
المعرفة والخبرة ليست على الدوام حلا قاطعا لكثير من المشكلات، والقرارات المصيرية، لا تبنى على الظن والحس، بل تحتاج إلى دراسة وتمعن ودراية واستشارة، وليعلم المرء، أنه مهما ملك من معرفة، فقد عرف شيئا، وغابت عنه أشياء.
وكما قال أبو نواس:
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة.. حفظت شيئا وغابت عنك أشياء
وقال الإمام الشافعي:
رأيي صواب يحتمل الخطأ .. ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب...
@azmani21