وليد الأحمد


بين حكايات السفن الأوروبية على ضفاف ميناء مدينة المخا في أوقات السلم والحرب لنقل البن اليمني الأجود في العالم منتصف القرن السابع عشر الميلادي إلى بلدان القارة العجوز وإلى المستعمرات الهولندية في أرخبيل أندونيسيا وسيريلانكا، ومشهد الأوكرانيين مصطفين في طوابير محال القهوة غير آبهين بصوت الصواريخ الروسية طوال العامين الماضيين، نحو 400 عام. بقي فيها البن هو الشجرة العجيبة التي يتوحد معها الناس ليرووا عطشهم ويسقون آمالهم ببداية سعيدة تحت أي ظرف.
حكايات قهوة المخاء تحفظها ذاكرة المؤرخين وتطورها حتى بات أحد أشهر مشروباتها الحديثة يدعى «موكا» نسبة إلى «المخا»، أما حكايات الأوكرانيين مع القهوة فروتها صحيفة نيويرك تايمز وكيف بقي الطلب عاليا على استهلاك البن منذ بدأت الحرب بخلاف توقعات التجار الذين تخوفوا من انهيار تجارتهم، يقول أحدهم للصحيفة «كان الناس لا يزالون يفكرون في القهوة. يمكنهم ترك مكانهم.. منازلهم وعاداتهم. لكن أحدهم لا يستطيع العيش دون القهوة.»
الجنود أيضا يشاركون إدمان رائحة البن، فصاحب محمصة «Mad Heads» في كييف واسمه أرتيم فرادي روى للصحيفة كيف بدا بتلقي رسائل من الجنود الاوكرانيين يطلبون فيها أكياس البن لأنهم سأموا مشروبات الطاقة التي يقدمها لهم الجيش. لكنه يعتبر طلبات الجنود منطقية لأن البن بحسب وصفه يشكل حجر زاوية في نمط الحياة الأوكراني اليوم، القهوة النابضة بالحياة جزء من الثقافة.
ربما يفسر هذا الانتشار الواسع لمحال القهوة في جميع أنحاء أوكرانيا، ويبقى لغز الارتباط العاطفي للإنسان مع القهوة أكثر من أي مشروب آخر قائم، فالشاي هو المشروب الأكثر استهلاكا في العالم بعد الماء، حسب تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة «فاو»، لكن رائحته وطعمه ليسا حاضرين في وجدان الشعراء وأغاني الصباح ومشاعر الحنين كما هو الحال مع القهوة.
@woahmed1