في الأسبوع الماضي تشرفت بتواجدي ضمن الوفد السعودي المشارك في مؤتمر العمل العربي بقيادة نائب وزير الموارد البشرية للعمل؛ في دورته الخمسين والمقامة في جمهورية العراق الشقيقة، وفي هذا المقال سأتطرق لأهم المواضيع التي تمت مناقشتها في المؤتمر، بالإضافة لموقف المملكة منها.
منظمة العمل العربي هي منظمة متخصصة تعنى بشؤون العمل والعمال على صعيد الوطن العربي، وتنفرد المنظمة بتطبيق نظام التمثيل الثلاثي الذي يقوم على أساس اشتراك الحكومات وأصحاب العمل والعمل في كل نشاطات المنظمة وأجهزتها الدستورية والنظامية، وتم تأسيسها في عام ١٩٦٥م لتتخصص في شؤون العمل والعمال على الصعيد العربي، وتضم في عضويتها جميع الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية، ومن أهدافها تنسيق الجهود في ميدان العمل والعمال على المستويين العربي والدولي، وتحسين ظروف وشروط العمل في الدول الأعضاء بما يحقق ضمان بيئة عمل ملائمة، بالإضافة لتطوير تشريعات العمل في الدول الأعضاء والعمل على توحيدها.
تمحور موضوع التقرير المقدم للدورة حول «مستقبل الموارد البشرية في ظل الثورة التكنولوجية»، والذي يعتبر من أهم التحديات العالمية في الوقت الراهن، وشملت اللجان الفنية على ثلاثة مواضيع وهي «نحو أسواق عمل منتجة ومستدامة في المنطقة العربية، شروط العمل اللائق للشباب بالمنصات الرقمية، وإصدار أداة معيارية حول الأنماط الجديد للعمل وتعديل الاتفاقية رقم «٩» لعام 1977 بشأن التوجيه والتدريب المهني».
فيما يخص الموضوع الأول المتعلق نحو أسواق عمل منتجة ومستدامة في المنطقة العربية، تمت مناقشة التحديات التي تواجه الدول العربية في إيجاد أسواق عمل منتجة ومستدامة، وتم إثراء النقاش بعرض ما لدى المملكة من مبادرات وتجارب مميزة في القدرة على الاستجابة الفعالة في التعامل مع أحدث المنهجيات الاقتصادية والتقنيات المبتكرة بما فيها التقنيات الصديقة للبيئة والتي تحسن نوعية الحياة، بالإضافة للاستدامة في سوق العمل بالمملكة من خلال تجهيز الأجيال المقبلة وخاصة فيما يتعلق بنوعية الوظائف التي ستتاح لهذه الأجيال، وأيضاً عرض تجربة المملكة المميزة في تطوير المهارات من خلال تأسيس مبادرة المجالس القطاعية للمهارات بالإضافة للحملة الوطنية للتدريب «وعد».
فيما يخص الموضوع الثاني المتعلق بشروط العمل اللائق للشباب بالمنصات الرقمية، تم مناقشة التحديات لتحقيق التوازن بين المرونة التي توفرها المنصات الرقمية وبين ضمانات العمل الكافية لتحقيق بيئة عمل أفضل للعمال، ومناقشة التحديات التي تواجه الدول العربية في تأمين توافر البرامج التعليمية ورفع مهارات العاملين، وتم إثراء النقاش بعرض تجربة المملكة المميزة في تنظيم الاقتصاد التشاركي، بالإضافة لمبادرة «عمل المستقبل» التي تهدف لتنظيم سوق العمل الحر الذي يواكب التغييرات في أسواق العمل ليكون مكملاً لسوق العمل التقليدي.
أما فيما يخص موضوع الأنماط الجديد للعمل، تم مناقشة إصدار أداة معيارية للأنماط الجديدة للعمل، وتم اثراء النقاش بتجربة المملكة المميزة في تطبيق مبادرة العمل الحر، والتي تم اطلاقها منذ سنوات وفي تميز وسبق واضح مقارنة بالدول العربية، وحظت التجربة السعودية بالإشادة كمثال نموذجي، وكوجهة نظر شخصية أرى أن تجربة المملكة تستحق هذه الإشادة لما لها من تأثير إيجابي واضح على العديد من مؤشرات سوق العمل.
ختاماً؛ النقلة النوعية التي شهدها سوق العمل في المملكة من خلال الإصلاحات التي تمت عليه تعتبر من أميز التحولات في الدول العربية، والجهود التي قامت عليها المملكة منذ إطلاق رؤية المملكة أصبحت واقعياً حديثاً تعدى خارج الحدود، ولا يسعني إلا أن أفتخر بهذه النقلة التي أشاد فيها الجميع خلال أيام المؤتمر.
@Khaled_Bn_Moh