د. محمد حامد الغامدي


- أحيانا.. «رفض فكرة لفرد خسارة للوطن، وأد رؤية لفرد خسارة للوطن، تجاهل مشروع لفرد خسارة للوطن، استهتار بهمة فرد خسارة للوطن، محاربة نجاح فرد خسارة للوطن، التعالي على إرادة فرد خسارة للوطن»، إذا كان هذا الفرد عالما فإن خسارة الوطن تتعاظم.
- كل من يستطيع قراءة المستقبل هو ثروة للوطن، يفعلها أذكياء الوطن النابغين. يحملون تنبؤا لا يستطيع الآخر استيعابه حتى وإن حمل أعلى الشهادات، وأحتل أرقى المراكز. الذي لا يرى المستقبل، وأذكياء الوطن ودورهم، ورؤيتهم، وتأثيرهم الإيجابي، لا يرى أبعد من أرنبة خشمه.
- تجربة ومعايشة شخصية لعلماء عرفتهم في جامعاتنا، لم يدرك اهميتهم ، أصحاب القرارات النمطية وفكرها، حدث في كل مؤسسة ذات علاقة بتخصصات هؤلاء العلماء، واهتماماتهم وانجازاتهم.
ما لكم بالطويلة.. من أفضل مكاسبي في حياتي التعرف على سعادة الدكتور أحمد بن سعيد قشاش عام 2016، الأكاديمي صاحب الذكاء والنبوغ، وإدارته وشغفه. قلت في أحد كتبي: [إن تطلعات وإمكانيات الباحث «قشاش» ثروة وطنية، وأضفت: هل يتحقق للباحث «قشاش» الدعم الذي يحتاجه ويحدده.
عالم الوطن «قشاش» عاشق لاهتماماته العلمية. زرعها في نفسه إلهاما وإرادة، جعلها مشروعا، ومنهجا، وإنجازا لحياته. كان الفتى الصغير بنصفه السروي ونصفه الآخر التهامي. استطاع استثمارهما كمسار نجاح لشخصه في حياته العلمية، ولد ببيت حجري راعيا للبهم. عاش في «الأصدار»: مكان وسط بين سطح سهول تهامة وقمم جبال الحجاز والسراة.
ولد وفي فمه ملعقة ترياق من الهمّة والشغف، وقوة التحدي والإرادة. ناضل من أجل التحصيل العلمي. فكان طيلة أيام الدراسة يتردد مشيا على الأقدام، مع فاشق فجر كل يوم، ليقطع المسافة الجبلية بتضاريسها الصعبة الوعرة طلوعا نحو مدرسة (قرية حزنة) على ارتفاع أكثر من 1000 متر عن بيته، ثم يعود عبر منحدرات الجبل الحادة. أيضا جرب معظم المهن العملية الشاقة، ليدعم مسيرة حياته العلمية.
همّة عظيمة انتصرت على جميع تحديات مرحلة الطفولة الصعبة. همّة مثمرة ظل يعززها إلى حاضرنا. أصبحت مجسم عظيم بزوايا صلبة قوية لا يمكن للكارهين والحاسدين كسرها. إنها المرجلة التي جعلها ترافقه في كل نشاطاته الحياتية.
تتجلى همّة «قشاش» في منجزه العلمي معجم: «النبات في جبال السراة والحجاز»، أصبح في طبعته الثانية أكثر فائدة، إنجاز هذا العمل علامة نضج للهمة وللإرادة الشخصية، لم يخذله ويثني من عزمه تخاذل الجهات المعنية.
عرض عليهم طباعته، تجاهلوا تمويله لإنجاز هذا العمل العلمي الضخم، شأنا ومعرفة وتوثيق، لم تستطع جامعات تحقيق ما حقق. كذلك الجهات المسؤولة التي اعتذرت عن طباعة هذا المعجم بحجة عدم وجود مخصصات مالية، يا ليت عذرهم كان علميا. رفضهم يأتي بقراءات توحي وتقول.
عذرهم يفتح أبواب التساؤلات المشروعة والمقلقة، عذر جائر تجاهل منجز علمي، وجهد استثنائي بذله العالم «قشاش». أنجز جمع مادته كمشروع وطني دون مقابل خلال ثلاثة عقود، وفّر لهذه الجهات ميزانية تجميع مادته، هذا أهم وأكثر توفيرا ماليا من طباعته، لو كنت مسؤولا لوجهت بمساءلة كل من تقاعس، واعتذر عن طباعة هذا المعجم النادر، أيضا مكافئة صاحبه وتكريمه، وللحديث بقية.
@DrAlghamdiMH