خالد الشنيبر


في الأسبوع الماضي تناولت العديد من حسابات التواصل الاجتماعي خبر عن توجه أحد المنشآت لتخفيض عدد أيام العمل لموظفيها إلى أربعة أيام بدلاً من خمسة أيام، وأخذ الخبر منحنيات متعددة ما بين المؤيدين ومابين المعارضين والمشككين في هذا التوجه، وأثار جدلاً واسعًا في الأوساط العملية والمجتمعية، وفي هذا المقال سأتطرق لوجهة نظري الشخصية عن هذا الخبر.
في البداية؛ من المهم أن ندرك أن طبيعة العمل تختلف من قطاع لقطاع، ومن وظيفة لوظيفة أخرى، وفي حال تطبيق أي توجه في قطاع معين أو وظيفة معينة فلا يعني ذلك إمكانية تطبيقها على بقية القطاعات أو الوظائف، وبمعنى أوضح تطبيق هذا التوجه بتقليل أيام العمل لأربعة أيام في جميع الأنشطة التجارية قد يكون أمرًا صعبًا وغير عملي، وقد تكون غير ملائمة للقطاعات الأخرى.
تعتبر الخمسة أيام عمل في الأسبوع معياراً متأصلاً في العديد من الاقتصادات والأنشطة التجارية على مستوى العالم، ويعتمد الاستقرار الاقتصادي على استمرارية العمل وتوفير الخدمات والمنتجات بشكل منتظم، ومثال على ذلك في بعض القطاعات مثل التصنيع والبناء والخدمات والسياحة والصحة، حيث يتعذر تقليص الأيام العملية بسبب طبيعة العمل، ففي هذه القطاعات يكون من الضروري وجود مستمر للعمالة وتقديم الخدمات على مدار الأسبوع، وفي حال تقليل أيام العمل سيؤدي ذلك إلى تقليل الإنتاجية وزيادة التكاليف التشغيلية، ومن يعتقد بأن هذه القطاعات بإمكانها توظيف عدد أكبر من العمالة لتغطية احتياجات العمل فعليه أن ينظر إلى الانعكاسات السلبية التي ستصاحب التوجه، حيث ستتطلب هذه الأنشطة تعويض اليوم الذي يتم تخفيضه من خلال توظيف موظفين إضافيين أو زيادة ساعات العمل في الأيام المتبقية، مما يرفع من التكاليف التشغيلية وينعكس ذلك على الأسعار.
فكرة العمل أربعة أيام تعتبر تسويقية، ويستخدمها صناع القرار في المنشآت لهذا الغرض، وكوجهة نظر شخصية هناك أفكار أكثر مرونة من هذه الفكرة، ولو تم تطبيقها سيكون لها تأثير ايجابي على جميع الأطراف دون أي تأثيرات سلبية، ومنها على سبيل المثال ما يعرف بـ «الراحة الأسبوعية المطولة» والتي يتم تطبيقها لعدد معين في السنة، وأيضاً تخصيص يوم راحة مدفوع يتم توزيعه مابين الموظفين للتجهيز ماقبل شهر رمضان المبارك بالإضافة لما قبل أيام العيد، ومن الأفكار والتوجهات التي تم فعلياً البدء في تطبيقها هو العمل عن بعد لعدد معين من الأيام في السنة، وهذا التوجه كان له أثر كبير في انتاجية الموظفين بحكم اطلاعي على كثير من النماذج.
هذا الخبر يذكرني بخبر قبل ما يقارب أربعة سنوات عندما أعلن رئيس أحد الشركات العقارية في الخليج عن إلغاء كافة المسميات الوظيفية للعاملين بالشركة، وذلك في إطار استراتيجية جديدة ترتكز على دعم المواهب وتطويرها، بالرغم من أن القرار يعتبر أقرب لطريقة «لبقة» لتسريح الموظفين وتقليل أعدادهم من خلال دمج مهام الأقسام، ومن ثم تعمل الشركة على استراتيجية «الجوكر» لموظفيها مما يقلل من تكاليف الأيدي العاملة المباشرة والغير المباشرة.
أنا مع توجه تقليل أيام العمل في نظام العمل السعودي من ستة أيام لخمسة أيام، ولا اعتقد أن تخفيضه لأقل من ذلك مجدي أبداً ويعتبر مكلفاً على الاقتصاد، فالعمال الذين يعتمدون على دخلهم لتلبية احتياجاتهم الأساسية قد يجدون صعوبة في التكيف مع تقليل الأجور المرتبطة بالأيام المفقودة، وبالإضافة لذلك سنجد تحديات قانونية وتنظيمية إذا تم تقليل أيام العمل وسيصعب تحقيق التوافق القانوني.
ختاماً؛ تخفيض أيام العمل في فروع منشأتك بالمملكة إذا كان لديك فروع خارج المملكة يتم من خلالها توظيف موظفين يُديرون العمل عن بعد يعتبر ذكاء تسويقي! ، واذا كانت منشأتك بإمكانها الاستمرار من خلال تقليل أيام العمل فأنا لا أختلف معك في هذا التوجه لأنك أنت صاحب القرار.
@Khaled_Bn_Moh