تعد الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين والتي بدأت أوضح بعد تولي الرئيس الصيني السابع «شي جين بينغ» عام 2013، والذي اهتم بالاقتصاد الصيني وسن تشريعات وحوافز لتنمية الصناعات وزيادة الاستثمار بالداخل والخارج، وهدفه تقدم الاقتصاد الصيني في عهده على الاقتصاد الأمريكي وإعادة طريق الحرير التاريخي ليلف العالم بحلول عام 2049. فهل ينجح؟
إني أشبه نجاح الرئيس الصيني الذي خرج من الركام ليكون رئيس أكبر دولة في آسيا، أشبهه بالعنقاء، الطائر الاسطوري الذي يخرج من الركام، وهذا ما جعل الولايات المتحدة تبني مخاوفها من الصين، لتبدأ في التعامل معها بحذر، وسرعان ما تشكلت حرب علنية على أثر سن رزمة من العقوبات ضد التجارة الصينية في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وعلى الرغم من سعي الأمريكان إلى الضغط على حلفاءها للتعامل بقسوة مع الصين واتخاذ الحرب الروسية ذريعة، إلا أن الرئيس الصيني كان يبني قواعد لتحالفاته الجديدة.
المراقب للدول الشرقية، يجد أنها تتمتع بصفة تميزها ما يجعلها تعمل بصمت والصفة هي «النفس الطويل» ووفق العادات والتقاليد، فإن حتى سكانها يتمتعون بمثل هذه الصفة، لذا، نرى أن الآسيويين بكل قومياتهم يمكن أن يشكلوا قوة اقتصادية تجارية أو صناعية في أي بلد يهاجرون إليه بأعداد، ولديهم نفس طويل للتدرج في مشاركة الحكم بعد أن يصبحوا قوة مؤثرة، والأمر ذاته ينطبق على الحكومات الآسيوية التي تعمل بصمت وتضع لنفسها أهدافا تعلن عما تشاء منها وتسعى لتحقيقها ولديها نفس طويل في بلوغ ما تصبو إليه مع كل ما يدركها من حروب واستنزاف، وهذا ما حدث للصين، لم يثنها أبدا أن تفقد أكبر أسواقها وهو السوق الأمريكي.
ولم تقف عند التحريض المستمر ضد سياراتها الكهربائية والتقنيات الصينية التي تغزو العالم، وحين أعلن بيان مجموعة دول السبع الصناعية -وهي «الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان وكندا»- الأخير على النظر على فرض قيود جمركية على الصناعات الصينية وهو الأمر المشكوك في استمراره، وعلى الرغم من تصرح وزير المالية الفرنسي برونو لومير من «إن الاقتصاد العالمي معرض للخطر بسبب وفرة الصادرات الصينية الرخيصة» وهو يكرر كلام يلين وزيرة الخزنة الأمريكية، إلا أن تلك الدول السبع لديها مصالح كبيرة مع الصين، ففرنسا التي لاتزال ثالث أكبر شريك تجاري للصين ويسعى رئيس وزراءها لزيادة التعاون معها، وايطاليا الشهر الماضي أعلنت تعزيز تجارتها مع الصين وانها لن تنسحب من طريق الحرير، وألمانيا التي فاجأت الجميع بالتصالح مع الصين ونية التعاون، أما اليابان فتسعى إلى تحويل التنافس مع الصين الى تعاون بعد سعي حكومة بينغ إلى كسب أكبر قوتين اقتصاديتين مجاورتين له «اليابان وكوريا الجنوبية».
وتبقى الدول الثلاث المعادية لسياسة بكين التجارية وهم كندا وبريطانيا وأمريكا لديهما سلاسل توريد مع الصين واستثمارات لا يمكنهم قطعها، بالمقابل ذهبت الصين الى تأمين نفسها في الاستثمار الآمن «الذهب» تحسبا لأي خديعة أو غدر قد يضر بصناعاتها وتدهور قوتها الاقتصادية ولم يبقى على تحقيق حلمها غير بضع سنوات.
أجد أن الصين ساهمت بنجاح في حماية الاقتصاد العالمي من كساد كان وشيكا وأنها كانت طرف رئيسي في حل مشكلة سلاسل التوريد، ولا تزال تساهم في منع الركود العالمي وتنشيط التجارة الإلكترونية.
@hana_maki00