ماجد السحيمي يكتب:


في الحياة محطات تستحق الحفظ والوقوف تحفر ذكريات جميلة في ذاكرتنا او دفاترنا أو ترسخ وتستمر معنا طوال العمر، سُنة الحياة والعمل والكدح وتأمين المعيشة والدراسة وغيرها كلها أمور تُجبر الإنسان على تغيير أو نقل مسار حياته أحيانا أو التأثير عليها موقتا أو دائما، فمثلا مكان العمل قد يكون بجانبك أو بعيداً عنك قليلا أو في مدينة أخرى أو حتى في بلد آخر، قد تذهب له بالسيارة أو حتى بالطائرة، وكل ذلك ينعكس عليك بأثره تباعا وعلى مشاعرك وأحاسيسك وذكرياتك وحتى أشواقك وسلوكك وتصرفاتك، الأسبوع الماضي، قابلت مقيما من مصر الشقيقة، وكنا نتحدث عن إجراءات السفر في ظل الجائحة فوجدته عازما جادا على التأكد من كل معلومة، فقال سأرتب أموري بأسرع وقت لأسافر، لا أستطيع الانتظار فقلت واضح أنك مشتاق للأهل، فقال في «سبعة افرنجي الجاي» أكمل عن ولادي ثلاث سنين !!. أتفهم الشوق والحنين للأهل والذي لا يقدر بثمن ولكن أن تحفظ التاريخ باليوم والشهر، فإن هذا شيء يستحق الوقوف والتأمل كثيراً بل كثيراً جدا، نعم نحفظ تاريخ الميلاد وتاريخ التخرج وتاريخ الزواج ولكن تاريخ اللقاء وما شابهه، فهذا ينم عن مشاعر لن أستطيع وصفها هنا أو حتى في مكان آخر.
الحياة كل ما بها يأتي ويذهب ولكن الشعور يأتي وقد لا يذهب أبدا بل قد يثبت ويزيد، وكما قال الشاعر كريم العراقي «المال والجاه تمثالان من ذهب.. لهما تصلي بكل لغاتها الأمم».. لو سألت مغتربا ما ذا تعرف عن مصطلح «homesick» «هوم سيك» وهو الحنين الى الوطن، لكانت إجابته إما بالحروف أحيانا أو بالزفير أو حتى بالدموع، وهذا المصطلح عرّفه علماء النفس فقالوا عنه أنه الأثر السلوكي حين الإبتعاد عن المنزل والعائلة والوطن وقد ينتج عنه خوف من الأماكن المغلقة والتجمعات وعدم الرغبة للدخول في مجتمعات جديدة لأن المشاعر لا زالت متعلقة بالوطن الأم سواء كان أرضا أو بيتا أو أهلا أو حتى عملا، بل ان بعضهم صنفه على انه مرض ليس عضوي بل نفسي وسلوكي مؤقت حسب تأثيره على الإنسان.
لم تكن كلمة «سبعة أفرنجي» أعلاه مجرد إجابة على سؤالي بل هي موقف تأملته كثيرا وتخيلت قصة طويلة فيها الكثير من رسائل التعبير بين الاحبة حين يطول الزمن أو تطول المسافة أو يطولان كلاهما معاً.
@Majid_alsuhaimi