د. يعن الله الغامدي


شاعرنا هذا من أشهر المعمرين وأهل الأخبار يحكون عنه الأساطير ويقولون إنه أدرك آخر فترة المسيح - عليه السلام - وأدرك الجاهلية وصدر الإسلام، ولم يكتب الله له أن يسلم وهو من شعراء فزارة المعدودين واسمه الربيع بن ضبع الفزاري عاش أكثر من ٣٠٠ عام كما ذكر ذلك ابن حجر في كتابه وإن كان الذي حفظ له ذكره وخلده بيت شعر له استشهد به ابن عقيل حيث جاء بـ»كان» تامة وفيه يقول «إذا كان الشتاء فادفؤني - فإن الشيخ يهرمه الشتاء».
ومن المعلوم أن الشيوخ يشعرون بالبرد في هذا الفصل أكثر من غيرهم على عكس النساء اللاتي لديهن القدرة على الحفاظ على الحرارة.. وكانت العرب تقول البرد بؤس والحر أذى وفاكهة الشتاء في عرفهم النار ويسمونها الضوء، ويقولون عنها الشّبة التي يتجمعون حولها بسبب السحب الكثيفة التي تولد الأمطار الغزيرة وبالذات حينما تتعامد الشمس على مدار الجدي في أواخر ديسمبر كما يقول الفلكيون ويسمونه الانقلاب الشتوي وهو أحد الفصول الأربعة ويقع بين فصلي الربيع والخريف، وقد ذكر في القرآن الكريم بسورة قريش في رحلتي الشتاء لليمن والصيف للشام وكان للشتاء عند البدو الرحل أسماء عديدة له ونجوما يتتبعونها على قدر معاناتهم وأحوالهم حين ترحالهم بخلاف بيوت اليوم الأشد إحكاما والأقوى حماية ولذا فالناس اليوم مختلفون فمنهم من يستريح للشتاء ففيه تحسين جودة النوم فضلا من أنه تتجلى فيه للمسلم عبادتان عظيمتان الصيام لقصر النهار والقيام لطول الليل ويقولون عنه الشتاء ربيع المؤمن والغنيمة فيه باردة.
وللشتاء فوائد كثيرة.. فهو ليس مجرد فصل من فصول السنة بل هو مزيج من المشاعر الجميلة واللقاءات الحميمة فهو جامع للصحبة ولمّة الشبة.. فيه الناس يتسامرون ويتبادلون الأخبار والأهازيج وتراهم قبل قدومه يستعدون له، فيجمعون الحطب ويعدون المعاميل ويشرعون الخيام.. إذ يحسن فيه الشواء والسمر وتصوم فيه الحيوانات لفترات طويلة بما يعرف بالبيات الشتوي.
ولقد أظهر لنا شتاء هذا العام الناس وهم يتسابقون لمعرفة أماكن المطر وجريان السيول وقد يعرضون أنفسهم أو غيرهم للخطر على الرغم من إنذار الجهات المعنية.. وترى وسائل التواصل الإجتماعي قد رسمت أجمل اللوحات الطبيعية لسحب وأمطار وثلوج شتاء هذا الموسم الذي عم جميع أرجاء بلادنا الغالية في مظاهر لم نشهدها منذ زمن طويل.
@yan1433