د. شجاع البقمي


لا شك أن القطاع المالي يعتبر في عالمنا اليوم ركيزة قوية تستند عليها الاقتصادات في تحقيق المزيد من الحيوية ومعدلات النمو، فيما يعتبر تنوع مصادر التمويل المتاحة عبر هذا القطاع مؤشراً مهماً على فرص التمكين والنمو للقطاعين العام والخاص، بما يرسم ملامح مهمة جداً تدفع بيوت الخبرة المحلية والعالمية إلى النظرة الإيجابية حول مستقبل معدلات نمو الاقتصاد الوطني ودعائم قوّته.
وقبل أيام قليلة قرأت تقريراً مهماً؛ يكشف عن تسجيل سوق الصكوك وأدوات الدين في المملكة العربية السعودية نمواً سنوياً يعادل 7.9% منذ عام 2019، فيما تركز هذا النمو في الإصدارات غير المدرجة التي نمت بمعدل سنوي بنسبة 9.6%، كذلك زاد عدد المُصدرين مع نمو حجم السوق، في الوقت الذي حقق فيه سوق الصكوك وأدوات الدين غير المدرجة نمواً بنحو 33 مليار ريال منذ عام 2019، حيث بلغ حجمها آنذاك 72 مليار ريال، فيما بلغ حجمها عام 2023 نحو 105 مليارات ريال.
وبالنظر إلى هذا النمو الملحوظ، تواصل هيئة السوق المالية سعيها للنهوض بسوق الصكوك وأدوات الدين كأحد أهم البدائل التمويلية التي توفرها السوق المالية لتمويل مشاريع القطاعين العام والخاص، ونظراً لما يمثله هذا السوق من أهمية بالغة وعنصراً جوهرياً في نمو الاقتصاد ونشاطاته؛ شكّل برنامج تطوير القطاع المالي «لجنة تطوير سوق الصكوك وأدوات الدين» برئاسة رئيس مجلس الهيئة لتكون لجنة فرعية تابعة للبرنامج، وذلك بهدف توحيد الجهود وتحديد التوجهات الإستراتيجية لتطوير سوق الصكوك وأدوات الدين للمساهمة في تعزيز تحقيق هدف برنامج تطوير القطاع المالي، المتمثل في تكوين سوق مالية متقدمة وخصوصاً فيما يتعلق بسوق الصكوك وأدوات الدين.
وبالعودة إلى الأرقام الحديثة التي تم الكشف عنها؛ تبرهن هذه الأرقام عن قدرات قوية يمتلكها القطاع المالي في المملكة العربية السعودية ولله الحمد، كما أنها تبرهن في الوقت ذاته عن مساهمة هذا القطاع في دعم معدلات نمو الاقتصاد المحلي، خصوصاً في ظل تمكين القطاع الخاص من الحصول على مصادر تمويل فعالة وحيوية يمكن الارتكاز عليها في الانطلاق نحو توسعات تشغيلية، أو مشاريع استثمارية واعدة، بما ينعكس إيجاباً على أداء القطاع الخاص، ويسهم بالتالي في دعم معدلات نمو الأنشطة غير النفطية في اقتصادنا الوطني.
ومن المهم الإشارة أيضاً إلى أن «لجنة تطوير سوق الصكوك وأدوات الدين»، نفذت منذ تأسيسها عدداً من المبادرات لتعميق وتعزيز سيولة سوق الصكوك وأدوات الدين، والذي نتجت عنها تطورات إيجابية فيما يخص نمو عدد الإصدارات والمصدرين، ونمو السيولة، إضافة إلى تنوع قاعدة المستثمرين، حيث بلغ حجم سوق الصكوك وأدوات الدين للشركات 125 مليار ريال في نهاية عام 2023، مقارنة بـ 95 مليار ريال في نهاية عام 2019. كما تضاعف عدد الشركات المصدرة لأدوات الدين بحوالي ثلاث مرات بنهاية عام 2023 بالمقارنة مع نهاية عام 2019.
ختاماً.. يرتكز الاقتصاد السعودي اليوم على أرض صلبة من التشريعات الداعمة، ومصادر التمويل المحفّزة، وقبل ذلك كله على رؤية وطنية طموحة فتحت أفق أكبر للاستثمار والنمو والنجاح.
@shujaa_albogmi