د. شجاع البقمي


متى يشعر المتداولون في أسواق الأسهم أنها سوق مالية غير مربحة ومن خلالها يتكبدون خسائر قد تطال محافظهم الاستثمارية؟ الإجابة على هذا السؤال يحتاج أن نجيب أولاً عن سؤال آخر وتحديداً أعني: متى يرى المستثمرون في أسواق الأسهم بأنها سوقاً حيوية وجاذبة للاستثمار ووعاء مهم لتنمية رؤوس الأموال؟ وهي تساؤلات أضعها كمقدمة لمقالي هذا.
دعونا نبدأ من السؤال الثاني؛ والذي يمكنني أن أجيب عليه بشكل موسع قليلاً، إذ أنه بطبيعة أسواق الأسهم في العالم أجمع، تعتبر هذه الأسواق وعاء استثماريا مهما، وملاذ جيّد لرؤوس الأموال، إلا أنها تمتاز بصعوبة قراءاتها وتعدد شركاتها، الأمر الذي يفرض على المتداول أن يبذل جهداً أكبر في البحث والقراءة والتحليل وغير ذلك.
طبيعة معظم متداولي أسواق الأسهم أنهم يتجهون إلى التعامل السريع في البيع والشراء، سواءً كان ذلك بشكل لحظي أو يومي أو حتى أسبوعي وشهري، وهذا سلوك معروف في أسواق الأسهم ويعتمد بالأساس على التحليل الفني والقراءات الخاصة بهذا المجال، وهي مدرسة لها احترامها؛ إلا أنه يمكن وصفها بعالية المخاطر في عالم أسواق المال.
في المقابل هناك مدرسة أخرى وهي المدرسة التي تعتمد القراءات المالية والتحليل الأساسي للشركات وهي مدرسة يمتاز متداوليها بأن قراراتهم الاستثمارية تبنى على رؤيتهم الخاصة من حيث ربحية الشركة، وقطاعها التشغيلي، ومركزها المالي، وتوزيعاتها النقدية، هذا بالإضافة إلى فرص النمو المستقبلية؛ وقراءات فرص النمو تعتبر من أكثر القراءات صعوبة لأنها تحتاج إلى تمعن وفهم كامل لطبيعة النشاط التشغيلي وقرارات الشركة التوسعية.
المدرسة الأولى من المتداولين حينما تتعرض محافظهم الاستثمارية لهزة وخسارة في القيمة تبدأ ثقتهم في أسواق الأسهم تتراجع، حينها قد يتجهون إلى البحث عن قنوات استثمارية أخرى، وهو قرار بالدرجة الأولى قرار عاطفي غير مبني على أسس علمية ولا اقتصادية ولا مالية، بل ربما يعود ذلك لعدم قدرتهم على اتخاذ قرار الشراء الصحيح، في حين أن متداولي المدرسة الثانية والذين يمكن وصفهم بالمستثمرين حينما تتراجع قيمة محافظهم الاستثمارية لأسباب تتعلق بالأسواق عموماً؛ قد يعززون مراكزهم الاستثمارية مما ينتج عنه خفض المتوسطات السعرية، وهؤلاء نسبة المخاطر لديهم أقل؛ وعادةً هم من يحققون الأرباح.
المستثمرون دائماً رؤيتهم لأسواق الأسهم رؤية تفاؤلية، ويبذلون جهداً في القراءات التي تحدثت عنها في سياق هذا المقال؛ وإن كانوا يفتقدون للمهارات اللازمة فإنهم يتجهون إلى أصحاب الخبرة الموثوقين والمرخصين؛ وهذه طبيعة أسواق الأسهم... وعليه؛ فإنك حينما ترى سوق الأسهم بأنها سوقاً «حيوية» ستجد نفسك بدأت تتخذ القرارات الصحيحة، وهذا الأمر قد يأتي بعد تجارب صعبة مررت بها في البدايات وهو أمر طبيعي في أسواق المال.

ختاماً.. تستهل سوق الأسهم السعودية اليوم تداولاتها عقب التوقف لإجازة عيد الأضحى المبارك.. ولدينا ولله الحمد سوقاً واعدة وجاذبة وحيوية.. وأرقام تدفق رؤوس الأموال الأجنبية تبرهن على ذلك.
@shujaa_albogmi