د.محمد العرب


تعتبر الثقوب السوداء من أكثر الألغاز الكونية إثارة للعقول العلمية، تسابقت النظريات العلمية الحديثة في وصف هذه الظاهرة العجيبة ومحاولة فك أسرارها، إلا أن هناك إشارات تتحدث عن وجودها منذ زمن بعيد، وهنا يظهر القرآن الكريم كمصدر غني بالإشارات الغامضة التي قد تشير إلى الثقوب السوداء، هل يمكن أن تكون هناك إشارات لهذه الظاهرة الكونية في آيات القرآن؟ في هذا المقال، نبحث في النصوص القرآنية ونحاول فك رموز تلك الإشارات لنكتشف إذا ما كانت الثقوب السوداء مذكورة فيها.
علميا اتفق العلماء على أن الثقوب السوداء هي مناطق في الفضاء تمتلك جاذبية هائلة لدرجة أنها تسحب كل شيء نحوها، بما في ذلك الضوء، وتتكون هذه الأجرام الغامضة عندما تنهار النجوم الكبيرة في نهاية دورة حياتها، وتمتلك الثقوب السوداء تأثيرًا قويًا على محيطها، مما يجعلها تبدو وكأنها «تكنس» الفضاء المحيط بها.
هنا.. شخصيًا أعتقد أن هناك إشارات في القرآن الكريم قد ترمز إلى الثقوب السوداء..!
في سورة التكوير، الآيتين 16-17: «فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ»، تعني «الخنَّس» النجوم الخافية أو المختفية، و»الجوار الكُنَّس» تعني التي تجري وتختفي أو تكنس، وهذه الأوصاف قد تتوافق مع ما نعرفه اليوم عن الثقوب السوداء، التي تختفي ولا تُرى، وتكنس ما حولها بجاذبيتها القوية.. وفي سورة التكوير أيضًا: «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ»، يُفسر العلماء «انكدرت» بأنها تلاشت أو اختفت، مما قد يشير إلى النجوم التي تنهار وتصبح ثقوبًا سوداء.
وفي سورة النجم: «وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى»، يفسر العلماء «هَوَى» بأنها تشير إلى سقوط أو اختفاء النجوم، مما يشير إلى النجوم التي تنهار وتتحول إلى ثقوب سوداء.
وفي سورة المرسلات: «فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ»، تفسر هذه الآية بأن النجوم تُطمس أو تُمحى، مما يشير إلى نهاية حياة النجوم وتحولها إلى ثقوب سوداء.
وفي سورة الرحمن: «يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ»، تتحدث هذه الآية عن الحدود الفيزيائية للسماوات والأرض، وقد تشير أيضًا إلى حواجز كونية مثل الثقوب السوداء التي يصعب النفاذ منها أو عبرها.
ورغم أن هذه الآيات قد تبدو وكأنها تشير إلى ظواهر كونية تشبه الثقوب السوداء، يجب التنويه بأن هذه التفسيرات هي اجتهادات شخصية بشرية وليست نصوصًا قطعية..!
هذه التفسيرات ليست قاطعة، لكنها تظل مثيرة للتفكير والتأمل في الآيات القرآنية وقد تكون هذه الآيات جزءًا من الحكمة الإلهية التي تحتوي على معانٍ أعمق مما ندركه حاليًا، في كل الأحوال، يظل القرآن الكريم لنا كمسلمين مصدر إلهام وإعجاز يفوق حدود الزمان والمكان، أما الاجتهادات والتفسيرات العلمية للآيات القرآنية تظل محاولات لفهم الحكمة الإلهية التي قد تتضح مع مرور الزمن وتطور العلم، أكرر تبقى هذه التفاسير دليلاً على عمق النص القرآني وقدرته على إلهام الفكر البشري عبر العصور.
@malarab1