غنية الغافري


أنا من الناس اللي.. كثيراً ما نسمع هذه الجملة ضمن الحديث لتوضح صفات لا نراها فيمن نحاور بل يراها هو وحده ! فلا يوجد لديه ثقة في تصنيفنا! فيؤكد لنا من خلال جملته المشهورة «أنا من الناس اللي ..» ولأننا غالبا نرى أنفسنا ونقيمها بناء أعلى درجات النرجسية فإننا لانرى النقاط العمياء في ذواتنا والتي يراها الآخرون عنا، تماما مثل السائق الذي لا يرى السيارة التي بجانبه حتى يدير رأسه ويلتفت لها وهي معلومة مهمة في عالم القيادة يغفل عنها الكثير !
إن غالب الصِّدامات مع من حولنا لأننا جميعاً غفلنا عن إكتشاف النقاط العمياء في أنفسنا فأصبحت نظرتنا ضبابية غير واضحة ولم نقيم أنفسنا بالشكل الصحيح، ولو استمرت حياتنا بهذه الوتيرة فلن نكتشف صفاتنا التي تحتاج للتقويم فنحن لا نريد أن نسمع ولا نريد أن نجلس جلسة مصارحة تقودنا للتغيير فتتعاظم أخطاؤنا ونخسر من حولنا خاصة إذا أدركنا أن محيطنا الصغير هو الأكثر سهولة في تعاملاتنا فيقل الحذر ونكون على بساطتنا نخرج كل مافي جعبتنا من الجيد والرديء، إن إغماض العين عن النقاط العمياء ليس حكرا على فئة من الناس بل حتى الأذكياء والمتفوقين المغتبطين بذكائهم الذي لا يهم أحد سواهم فليس له علاقة في علاقتهم مع الآخرين بل إن الكثير من المتفوقين دراسيا أغبياء اجتماعيا !!
المتعب في فن العلاقات عندما تحاول أن تنتشل أحدهم من استرساله في ضبابيته وعدم اكتشاف نقاطه العمياء فيبادرك بقوله «وأنت أيضا فيك كذا وكذا» فهو ينتظر متى تسكت لينقض عليك معتمدا على خبراته في الحياة التي لم تتعدى أصابع اليد ! فهما أحسنت نيتك تظل صورتك ثابتة لا تتغير وصورته عن نفسه كذلك
الكثير من الأشخاص يعيش بشخصية عدوانية خفية مرتديا قناع البراءة يستفز الآخرين ويستمتع بانفجارهم أو غضبهم فمثلا يتعمد البعض زيارة كبار السن بملابس لايقبلونها مطلقا وتتغير تعابير وجههم إذا شاهدوها ومع ذلك يصرون على استفزازهم في كل مرة وهذه النقطة العمياء التي لم يدركها هؤلاء ممزوجة بقلة الاحترام!
إننا غالبا نحتاج لهزة أرضية تعيد لنا توازنا وتوقظنا من حلم أننا الجيدون أصحاب الصفاء والنقاء والعادات الجميلة وغيرنا أسوأ خلق الله ..لأننا حقيقية كغيرنا من البشر نحمل جانب الخير والشر ونحتاج للتغير الإيجابي في كل حين.. فإن عبر بنا قطار الزمن دون تغيير فقد فشلنا حقا.
@ghannia