عبدالله الغنام


يبدو جليا مع بداية فصل الصيف أن الأجواء ستظل حارة لفترة طويلة جدا، وربما نحقق أرقاما قياسية في درجات الحرارة لهذه السنة! وستتوافق الإجازة الصيفية مع هذا الحر الشديد، مما يجعل الأنشطة والفعاليات الخارجية «في الهواء الطلق» من الصعوبة بمكان خصوصا أثناء النهار، بل حتى في الليل ستظل الحرارة والرطوبة مرتفعة نسبيا.
ولنا مع العطلة السنوية عدة وقفات منها: أن الإجازة الصيفية قصيرة مقارنة بسنوات قد خلت، حيث كانت تمتد لمدة أربعة أشهر تقريبا، وفي ذلك الحين كان البعض يتململ من طولها! واليوم على الطرف المقابل، آخرون يشتكون من قصرها «شهرين وتسعة أيام تقريبا». وبناء على ما أسلفنا، من المقترح أن تبدأ الدراسة مع بداية شهر سبتمبر «بدلا من شهر أغسطس» حيث تبدأ درجات الحرارة بالانخفاض، وكذلك تتحسن معدلات درجات الرطوبة في بعض المناطق، وهذا هو الحل الوسط بين الفريقين وقد قيل: «خير الأمور أوسطها»، يعني أن تكون الإجازة الصيفية ثلاثة أشهر. ومن فوائد ذلك أن يكون هناك مدة كافية لأولئك الذين يدرسون فصلا صيفا «أو فترة تدريب» بحيث يكون لهم متسع من الوقت للدراسة والراحة، بالإضافة إعطاء الأسر فترة كافية للسفر والزيارات والاستجمام في أوقات متعددة، بدل أن يتكدس أغلب الناس في أماكن مختلفة في وقت قصير نسبيا.
أضف إلى ما سبق أن بداية الدراسة مع شهر سبتمبر ستكون الأجواء أفضل من ناحية استهلاك الطاقة الكهربائية في المدارس والمرافق التعليمية، حيث أن أشهر «يونيو ويوليو وأغسطس» هي الأعلى تسجيلا لدرجات الحرارة، ومعدلات الرطوبة، ومن الفوائد أيضا أن يكون هناك وقت كافي لتنسيق وتوزيع الإجازات بين الموظفين في القطاع العام والخاص، بدلا من أن يكون هناك خروج لعدد كبير من الموظفين للعطل في فترة قصيرة «شهرين» مما قد يؤثر على أداء العمل خلال هذين الشهرين.
والوقفة الثانية: هي بالنسبة إلى أولئك الذين يتمتعون بالإجازة سواء من الطلاب أو المعلمين أو غيرهما، فمن المعلوم أن لهم الحق الواضح في الاستجمام والراحة بعد عناء وعمل شاق وطويل خلال السنة الدراسية «ثلاثة فصول»، ولكن أيضا في المقابل كثرة الراحة تجلب الملل والسأم، وخير الأمور في الاعتدال والتوازن، بين الراحة والقيام ببعض الأنشطة والأعمال والهوايات التي لم تُدرك أثناء الفصل الدراسي.
والوقفة الأخيرة: هي لنا جميعا حيث أن الوقت هو أعز وأغلى ما نملك، وقد - عليه الصلاة والسلام - : «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ».
ورُوي عن ابن القيم -يرحمه الله- كلام نفيس في هذا الجانب فقد قال: «وقد أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة، وأن بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة، فلا فرحة لمن لا هم له، ولا لذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له».
والنظر في الواقع يؤكد هذا المعنى، فكم واحد منا أثناء الراحة والفراغ تعتريه الأفكار وتعصف به يمنة ويسرة، بينما حين يكون يومه مكتظ ومزدحم بالأعمال والمهام فإنه لا يجد برهة للتفكير في الهموم والغموم، والكدر والحزن، أي إذا لم تُشغل نفسك، اشغلتك هي!
إن الإجازات القصيرة والطويلة هي محطات شحن وتزود بالطاقة، فتأكد أن البطارية ممتلئة قبل البدء بالرحلة.
@abdullaghannam