محمد العويس - الأحساء «تصوير: محمد العويس»

في ظل الأجواء الصيفية الحارة التي تشهدها الأحساء، يعود الأهالي بالذاكرة إلى أيام زمان، حين كانت عيون الأحساء الطبيعية ملاذًا للترفيه والتبريد، عيون مثل نجم ومانع وبهجة وباربر والجوهرية وأم سبعة والحارة، وغيرها الكثير، كانت تجذب السياح والسكان المحليين على حد سواء، لما تتميز به الأحساء كأكبر واحة نخيل في العالم.

حضارة عريقة وجاذبية تاريخية

وأكد المستشار السياحي "عبد العزيز العمير" أن الأحساء تمتلك حضارة عريقة تعود لأكثر من 5 آلاف سنة، وكانت أولى المناطق التي استقر فيها الكنعانيون، بفضل وفرة المياه والأراضي الخصبة الذي شجع القبائل لتأتي إلى هذه الأرض الطيبة واستقروا فيها ومارسوا الزراعة، مشيرًا إلى أن الأحساء كانت تُعرف سابقًا بإقليم البحرين، نظرًا لغزارة مياهها وعيونها التي تشبه البحار.
عبدالعزيز العمير - مستشار سياحي

وروى العمير ذكرياته عن عين مانع، التي شهدت زواج أخيه، حيث كان ”غسول العرس“ تقليدًا جميلًا، يسبح فيه العريس قبل الزفاف، برفقة الأهل والأصدقاء والأقارب، ويسبح فيها بأحد العيون، وأيضًا بالقرب منها عين أم الليف، وعين بهجة، وهناك عيون أخرى في مواقع قريبة.

وأضاف: "كانت هذه العيون فواره وأيضا يخرج منها الماء في طرق زراعية، أو كما يعرف في السابق بالأنهار، مشيرا إلى عين برابر، التي اشتهرت بصفاء مائها وبرودته، وكانت مقصدًا للتبريد والاستجمام في الصيف".

وقال العمير: "هناك عدد كبير من العيون وهذه العيون توفر منها المياه وتسيل على الأرض في دروب معينة كان يطلق عليها في السابق الأنهار ومنها الخارج من الخدود والذي كان ينبع في الدقيقة الواحدة فيما يقارب 23 الف متر الف متر مكعب من المياه فهذه لأنهار التي كانت تنتشر في أحياء الأحساء كانت جميلة ورائعة وتعطينا صورة جمالية للواقع الذب عشناه في السابق من الجمال الذي كان على هذه الأرض وهذه المياه وبها اكتمل مثلث الجمال «الماء والخضرة وقلوب اهل الاحساء الجميلة والحسنة".

شريان الحياة ورافد السياحة

وتابع: "كانت عيون الأحساء تسقي المزارع والنخيل، عبر شبكة من ”الثبر“ والأنهار، قبل أن يُنشأ مشروع الري والصرف، الذي حافظ على المياه ووسع الرقعة الزراعية، مؤكدا أن هذه العيون والمزارع تشكل عامل جذب سياحي، خاصة بعد إعادة تأهيل بعضها، مثل الجوهرية وأم سبعة والحارة، وكلها تعتبر عيون جاهزة للجذب السياحي وأيضا المسؤولين مشكورين بدأوا في تطوير وما يميز المنطقة لانها منطقة زراعية وهو الذي يشجع على الزيارة والاستثمار الزراعي في المجال السياحي وهذا من رؤية سيدي ولي العهد باستثمار مثل هذه المزارع وهذه الواحة لتكون جهة مستهدفة من اجل تطوير السياحة في مملكتنا الحبيبة".

وبيّن أن الجميل في الأحساء أن هناك مزارع استثمرت في المجال السياحي من خلال عمل منتجعات ريفية وسكن ريفي وأيضا أماكن للاسترخاء والراحة وكل هذا يشجع الآخرين من خارج الاحساء وداخلها لقضاء أوقات ممتعة جدا في اكبر واحة نخيل في العالم.

العيون.. إرث الماضي وأمل المستقبل

وقال: "على الرغم من تراجع أهمية العيون كمصدر للمياه بعد إنشاء مشروع الري والصرف، إلا أنها لا تزال تحتفظ بقيمتها التاريخية والسياحية، مشيرا إلى أن بعض العيون، مثل الجوهرية وأم سبعة والحارة، تم تطويرها وتحويلها إلى وجهات سياحية جاذبة".

وأضاف: "يطمح أهالي الأحساء إلى استثمار إرثه الاحساء الطبيعي الغني في تطوير السياحة الريفية والزراعية، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030. مؤكدا أن المزارع والعيون في الأحساء تشكل عامل جذب سياحي كبير، ويمكن أن تساهم في تنويع اقتصاد المنطقة وخلق فرص عمل جديدة".

وتابع: "تعد عيون الأحساء نموذجًا يحتذى به في كيفية تحويل التحديات إلى فرص، والاستفادة من الموارد الطبيعية بطرق مستدامة. ومع استمرار جهود التطوير والتحديث، يمكن للأحساء أن تصبح وجهة سياحية عالمية، تستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم، وتقدم لهم تجربة فريدة تجمع بين الأصالة والحداثة".

مصدر الحياة ومتنفس الأهالي

وقال المواطن سهل محمد، من أهالي بلدة البطالية: "كانت عيون الأحساء الفوارة، التي يبلغ عددها العشرات، مصدرًا رئيسيًا للمياه، وتروي المزارع والنخيل عبر قنوات الري التقليدية. مستذكرا كيف كانت عين الجوهرية مقصدًا للسباحة والتنزه، خاصة في شهر رمضان، حيث كانت مياهها باردة ومنعشة".

وأكمل: "كانت مقصد للسباحة للكثير من مختلف مدن وبلدات الأحساء من الهفوف والمبرز وغيرها، كما أن مياه عين الجوهرية كانت تغذي كثير من مزارع المدن والبلدات المجاورة من البطالية والكلابية وصولا إلى مدينة العيون نظرا لوفرتها كما ان العين تتميز بوفرة الماء صيفا وشتاءا وماء بخار أيضًا".

واختتم: "كان من العادات الجميلة أن هذه العين ومنها عين الجوهرية كانت محطة هامه للمعرس للسباحة والجلوس إضافة إلى السباحة فيها في مناسبات الأعياد وكان الماء قوي وبدون مضخات، وفي ذلك الوقت كنا متواجدين فيها على طول من أجل السباحة وتحديدًا قبل صلاة المغرب والفجر أيضًا كان كبار السن يحرصون على السباحة فيها، وهناك كثير من العيون المعروفة في الاحساء منها عين الجوهرية وعين ام سبعة".