عبدالله يوسف العثمان


في عصر يسوده السعي نحو تحقيق أقصى درجات التوازن بين الصحة العقلية والبدنية، تبرز أهمية إيجاد مساحات تجمع بين تعزيز العقل والجسد، فقد تتزايد انشغالاتنا بالأعمال وتسارع الحياة، يصبح من الصعب الحفاظ على صحتنا العقلية والجسدية، وينتابنا شعور بالحاجة إلى ملاذٍ هادئٍ يجمع بين تنمية العقل والجسم.
ماذا لو كان لدينا حلٌ يجمع بين متعة القراءة وفوائد الرياضة في مكان واحد؟ ماذا لو كان لدينا مكتبة ونادي لياقة في حينا؟
مكتبات وأندية لياقة في الأحياء السكنية ليست فقط فكرة مبتكرة، بل ضرورة مجتمعية تسهم في تحسين جودة حياة الأفراد، هذه المرافق متعددة الأغراض توفر منصة للتعلم والتمرين معاً، وتعزز من التفاعل الاجتماعي والثقافي في آنٍ واحد.
من هنا تأتي فكرة وجود مكتبة ونادي لياقة في حينا، حلمٌ يمكن تحقيقه لخلق بيئةٍ إيجابيةٍ تُثري حياتنا وتُعزّز شعورنا بالانتماء.
تُعدّ المكتبات ونوادي اللياقة من أهمّ الأماكن التي تُساهم في بناء مجتمعٍ صحيّ ومتعلم، فالمكتبات تُتيحُ للناس فرصةَ الوصول إلى المعرفة والثقافة، بينما تُساعدُ نوادي اللياقة على تحسين اللياقة البدنية والحفاظ على الصحة.
تكمن فوائد تلك الفكرة في جوانب عديدة فالمكتبات تعزز القراءة والتعلم وتشجع على الاطلاع في مختلف المعارف، ممّا يُساعد على تنمية مهارات التفكير الناقد والإبداع لدى الأفراد.
كما إن تحسين الصحة الجسدية يتحقق في نوادي اللياقة، وتساعد على مكافحة الأمراض المزمنة، وتعزيز الصحة النفسية بممارسة الرياضة مما يقلل وجود الأفراد في المستشفيات أو المستوصفات الصحية.
وبطبيعة الحال فتلك الفكرة تخلق مساحة للتواصل الاجتماعي من خلال التفاعل الاجتماعيّ بين أفراد الحي، وتكوين صداقات جديدة والتعارف ببناء شبكات اجتماعية تتشارك ذات الاهتمام، وتساهم في تنمية مهارات جديدة عبر تقديّمُ بعضُ النوادي الرياضية دروسًا في فنون الدفاع عن النفس، والسباحة، وغيرها من المهارات التي تُثري حياةَ الأفراد وتحقق استكشاف مواهب لأفراد الحي، كما تدعم التعلم مدى الحياة لدى مختلف الأعمار وفئات الحي فتتيح المكتبة فرصًا للتعلم مدى الحياة من خلال برامجها وفعالياتها المتنوعة، ممّا يُساعد على مواكبة التطورات في مختلف المجالات.
حول العالم، تتبنى دول هذه الفكرة، حيث يمكن للسكان الاستفادة من مكتبات تضم أحدث الإصدارات الأدبية والعلمية بجانب تسهيلات رياضية تضمن لهم اللياقة البدنية، في السويد تُقدّمُ السويد خدماتٍ مجانيةً للمكتبات والنوادي الرياضية، ممّا يجعلها متاحةً لجميع أفراد المجتمع، وفي سنغافورة تُشجّعُ على ممارسة الرياضة من خلال بناءِ العديد من المرافق الرياضية، وتنظيمِ الفعاليات الرياضية بشكلٍ دوريّ، وفي سيول، وفي فنلندا تشتهر بتوفير مكتبات عامة تضم أقساماً للياقة البدنية، مما يمكن الأفراد من الجمع بين التحصيل العلمي والرياضة في بيئة واحدة.
أسهمت تلك الأمثلة بشكل مباشر في تقوية الروابط المجتمعية، فهي توفر مكانًا للتجمع والتفاعل بين الأفراد من مختلف الأعمار، مما يحفز على الاندماج الاجتماعي ويقلل من الشعور بالعزلة.
التزام وتكامل الجهات المحلية لدينا كهيئات تطوير المناطق وأمانات المناطق واتحاد الرياضة للجميع وهيئة المكتبات وإدارات التعليم والتجمعات الصحية وبرنامج جودة الحياة وغيرها من الجهات ذات العلاقات، تدعم تحقيق هذه المبادرات مما يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في تعزيز مجتمعاً السعودي ليكون أكثر صحة ووعياً.
إنّ وجود مكتبة ونادي لياقة في حينا ليس رفاهيةً فحسب، بل هو ضرورةٌ لخلق مجتمعٍ صحيّ ومتعلمٍ ومتفاعلٍ، حان الوقت لجعل هذا الحلم حقيقةً من خلال التعاون بين أفراد المجتمع والجهات الحكومية والخاصة.
@BinOthman90