غنية الغافري


ما أثار فضولي لاختيار هذا العنوان هو معجزة هذه العبارة ! والتي تهون كل عسير وتقلب المشاكل الحقيقية إلى لا شيء والهنود صانعو الحكمة ومخترعو الذرة لولا هذه الحكمة لتحولوا إلى عاهات وأمراض نفسية مزمنة وتجسدت هذه العبارة أمام عيني في زيارتي الأخيرة للهند، فاللامعقول من العيش لديهم هناء ورغد و «سهالات».
ورغم أن زيارتي التي تحمستُ لها لم تكن إلا أيام معدودة بعد أن قررنا إنهائها بأقصى سرعة! فكل شيء حولنا «مشكلة»، فحتى المطل الذي أطل عليه فندقنا الفارِه فهو بعض العشش التي يتقافز حولها الأطفال وتحيط بهم المشاكل من كل صوب بينما يرددون أهازيجهم الجميلة المترجمة إلى «ما فيه مشكلة»، فالحياة حلوة ! ربما لأننا من قوم «الياي» أو «الدلوعين» لا يروق لنا إلا نمط واحد من الحياة ولا نحاول التماهي والتعايش مع أنماط أخرى.
والحقيقة شعرت بالحرج وأنا أرى الأوروبيين والأمريكان وهم أبسط من البساطة وأسهل من السهولة مستمتعين بوجودهم في أي بيئة وتحت أي ظرف ! بل حتى حقائبهم التي يتنقلون لا تحمل إلا الكَفاف! بينما نجر نحن أكبر حجم من الحقائب وكأننا سننقطع عن العالم وسينقطع بنا الأمل للحصول على مقومات الحياة! وقد ترجمنا ذلك بتضجر وتذمر لم يقطعه سوى عبارة السائق الهندي المبتسم في كل الأحوال حين قال «ما فيه مسكلة» ! وحتى الشين المعاقة في لسانه لم تشكل له شيء من مقدار الثقة والنطق بالحِكم فلم يفتأ يحكي لنا قصصه ومغامراته المؤلمة والتي مع كل جملة منها تعاجله الضحكات.. أما السؤال الملح لماذا نصر على تعقيد الأمور وهي أبسط مما تديره عقولنا المحدودة ويقدح به تفكيرنا السطحي وكأننا نرسم لوحة تجريدة معقدة غير مفهومة ممتلئة «شخابيط» وألوان وتراكيب عشوائية غير أن تلك الشخابيط لها ماتحمله من جنون الفن الذي يقول كلما زادت «الشخابيط» زادت القيمة السوقية للوحة ! بينما التعقيد في حياتنا لا يزيدنا عقداً لا تحل.. ويستمر الحديث حين نلتقيكم الأسبوع القادم بإذن الله.. وما في مشكلة.
@ghannia