د. لمياء البراهيم


قيمة المعرفة تكمن في استخدامها، كما لخصها الفيلسوف اليوناني أفلاطون «قليل من العلم مع العمل به، أنفع من كثير من العلم مع قلة العمل به»، والشهادات العلمية والألقاب المهنية قد تفتح الأبواب، لكنها لا تضمن النجاح في سوق العمل ، فـ 60% تقريبًا من المعرفة العلمية يتم تحصيلها خلال الدراسة، وتتزايد تلك المعرفة بالتدريب بعد التخرج.
واقع التأهيل العلمي في الوقت الراهن للحصول على فرص وظيفية ملائمة لما تم التأهيل له يمر بالعديد من التحديات، ومنها ملائمة المؤهلات العلمية لسوق العمل، وجودة التعليم والتأهيل التي يفترض أن تبنى عليها قرارات تنافسية تساوي الفرص فيها من اجل التعيين والتكليف والتمكين.
الاستفادة من مخرجات التعليم والتأهيل يتطلب منح الفرصة للتطبيق العملي وفق المؤهل ومن ثم تقييم الأداء والإنتاجية للتأكد من مدى فعالية وكفاءة تطوير القوى العاملة، وهذا مايحتم تأمين الفرص الوظيفية لحملة المؤهلات بما يتناسب مع نوع التأهيل ليكتسبوا الخبرة العملية ومنحهم الإمكانية لتحويل الأفكار النظرية إلى نتائج ملموسة، فحمل المؤهلات دون الاستفادة من ذلك العلم والمعرفة في الواقع لن يحقق المرجو من هذا التعليم والموارد التي بذلك لأجله.
هناك الكثير من رواد الأعمال الناجحين الذين لا يمتلكون شهادات عليا من الجامعات المرموقة، لكنهم يمتلكون القدرة على تنفيذ الأفكار وتحويلها إلى مشاريع ناجحة، وتعلموا من تجاربهم، واستفادوا من الأخطاء، ليطبقون الحلول الفعالة بشكل مستمر.. هذا النوع من التعلم العملي يجعلهم يتفوقون على أولئك الذين يكتفون بالتعلم النظري دون التطبيق ولكن لا يعني ذلك أن نتجاهل أهمية التعليم في تأسيس بناء الخبرة وتفادي الكثير من الأخطاء والتفكير بمنهجية في حل المشكلات، فالطبيب على سبيل المثال لا يمكن أن يستند على الخبرة بدون العلم والبحث ومتابعة المستجدات.
تعزيز التطبيق العملي للعلم يبدأ من تغيير التركيز فقط على الحفظ والاجتياز في الامتحانات، إلى التشجيع على المشاركة في مشاريع عملية وتدريبات ميدانية، وأن تؤمن المؤسسات بيئات عمل تدعم التعلم المستمر والتطبيق العملي، وأن يبادر الأفراد في تطبيق ما تعلموه والتعلم من تجاربهم وأخطائهم، وعدم الاكتفاء بالمعرفة النظرية، والمشاركة في المشاريع العملية والتدريبات الميدانية.
المدربون معنيون بإعداد برامج تدريبية تركز على الجوانب العملية، وتوفير بيئات تعليمية تشجع على التطبيق والتجريب، وأن يكونوا قدوة في تطبيق ما يعلمونه وكيفية تحويل المعرفة إلى عمل.
العلم بلا تطبيق يشبه الشجرة الجميلة بلا ثمار.
@DrLalibrahim