محمد علي الحسيني


في عالم يتسم بالتنوع الثقافي والديني، تبرز أهمية التسامح والاحترام المتبادل بين أتباع الديانات المختلفة كركيزة أساسية لتعزيز التعايش السلمي والتآلف.
تحتل المناسبات الدينية مكانة عظيمة في قلوب أتباع الديانات كونها تمثل تعبيراً عن قيمهم وتقاليدهم ومعتقداتهم الروحانية، لهذا، يجب علينا تقدير واحترام هذه المناسبات بغض النظر عن الاختلافات الدينية أو المذهبية التي قد تفصل بيننا.. إن ثقافة التسامح هي نظرة واعية وجسر نحو التعايش السلمي وليست مجرد مفهوم أخلاقي، بل هي أسلوب حياة يجب أن ننتهجه لتعزيز مفهوم السلام وترسيخ قيم التعايش السلمي بين شعوب العالم بمختلف مشاربهم.
لا شك أن احترام المناسبات الدينية للآخرين تعكس قبولنا واعترافنا بالتنوع الثقافي والديني كثراء إنساني يجب أن نحتفي به، وليس فارقاً يجب أن يفرق بيننا، فالمولى - جل جلاله - قال «ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين» .. فالاختلاف سنة إلهية، ومن نتائجها التنوع في الأديان، فلكل دين وطائفة مناسباتها المقدسة والمهمة التي تبرز غنى تقاليدها وتاريخها، ومما لا شك فيه أن قيم التسامح تستدعي احترام وتقدير هذه المناسبات لما لها من دور في تنمية الوعي والتقارب بين الناس.
تجنب تحويل المناسبات لمنصات التحريض، فلا شك أن هناك من يحب الصيد في المياه العكرة، ويسعى إلى ضرب النسيج الوطني والاجتماعي عبر إثارة الفتن؛ نظير الإساءة إلى المناسبات الدينية سواء من الدين نفسه أو من الأديان الأخرى، فنجد التطاول غير المسؤول على هذه المناسبات والتعرض لها دون علم أو بصيرة، رغم أن البارئ سبحانه وتعالى قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ»، فكلنا عباد لله من أبينا آدم وأمنا حواء - عليهما السلام - ، فيجب علينا العمل بجهد لضمان أن تظل المناسبات الدينية بعيدة عن أي شكل من أشكال التحريض أو الكراهية، بل على العكس من ذلك، يجب أن تكون هذه المناسبات فرصة للدعوة إلى التعارف والحوار البناء، وليست منصة لاستحضار الماضي بما يحمل من ضغائن وأحداث عفى الله عنها.
المناسبات الدينية لتعزيز الحوار والتفاهم، وإننا من وحي الخبرة نجد أن بناء وعي ديني معتدل والدعوة إلى قبول الآخر يعزز من قيم الوسطية والاعتدال بعيداً عن التطرف.. ولا شك أن احترام المناسبات الدينية المختلفة يعد دعوة صريحة للانفتاح وقبول الآخر كما هو، بما يضمن تقدم مجتمعاتنا وتنميتها في ظل التفاهم والتسامح الديني، فالتعايش السلمي يتطلب منا جميعاً أن نتخطى الحواجز الدينية والثقافية، وأن نعيش معاً بسلام واحترام متبادل لمعتقدات وتقاليد بعضنا البعض، ونستفيد جميعا كبشر من هذا الموروث لاستخدامه لما فيه خير للإنسانية قاطبة.
من المهم أيضا التركيز على تعزيز الحوار بين مختلف الأديان دون إلغاء الآخر بل الانفتاح عليه والاستفادة منه.
@sayidelhusseini