صالحة العسيري


عندما نتحدث عن كلمة نبض يدور في أذهننا القلب الذي ينبض في دواخلنا وبه الحياة تستمر، وعندما يتوقف النبض تتوقف الحياة وحجمه كقبضة اليد.. سبحانك يالله!، لكن حين نتكلم عن نبضات أو نبض الحياة فماذا يعني؟ يعني مدى فهمك للحياة وما هي الأساسيات والقيّم الذي تقوم به ألا وهو التعمق فيه.
إن فهم المعاني العميقة للحياة لا يأتي من عبث أو من فراغ أو من حياة سطحية لا تتجاوز الاهتمام بالماديات وبتوافه الأمور ومظاهرها إلى الغوص فيما هو أعمق من ذلك، فالإحساس بما حولنا، والغوص في أعماق نفوسنا، وإدراك ماهية الأشياء، وترجمة القيم والمعاني الجميلة لتنبض في شرايين الحياة من خلالنا !
كلها أمور ترتقي بمعنى إنسانيتنا وهي الترياق الذي يحرر العقل البشري نحو خلق حياة أفضل قابلة للتعايش بسلام فيما بين البشر وفيما بينهم وبين عناصر الحياة النابضة من حولهم ! وفي تعمق نحو فهم معنى القيم وهي على عكس الأشياء الحسية من حولنا والتي يمكن ملاحظتها وإدراكها من خلال الحواس، ندرك شيئًا من المعنى الحقيقي الذي تنبض به فالقيم كالإيمان والشجاعة والبطولة والمروءة وغيرها من الفضائل الدينية والخلقية والاجتماعية !
في أبسط تعاريفها، هي أشياء معنوية غير محسوسة وُجدت كقوى خفية، لنترجمها نحن الأحياء من خلال «تفكيرنا، مواقفنا، ردود أفعالنا، أقوالنا، سلوكياتنا»، تجاه مصدر الخلق الأعظم الله ومن ثمّ تجاه أنفسنا وتجاه بني جلدتنا من البشر وباقي المخلوقات والأشياء، ولعلّ هذا هو السر الذي يبقى معه للقيم رونقها المستمر بظهورها الذي يروي الأرواح وبغيابها الذي تنشد فيه عودتها لتنير عتمة الظلم والأنانية والزيف والتصنعّ.. في حياتنا لم تكن المرور من المواقف بالسهل، ولم نتعثر ألا وتعلمنا منها الدروس والعبر، وأخذنا بعض القيّم والأخلاقيات من هم أعلم وأكبر منا خبرة في الحياة سواء من دائرتنا القريبة من الأهل أو من الخارج ، لم تصبح الحياة سهلة بل يجب
شمعة مضيئة:
من نبضات الحياة، ما تعلمناه من قيّم ومبادئ وأخلاقيات وكيف نتمسك بها ونطبقها في حياتنا، وديننا الإسلامي علمنا الأفضل والأجمل من كل تلك الأخلاقيات، لكن نحن البشر علينا تطبيقها حتى تنتشر وتكبر وتتربى عليها الأجيال القادمة.. التعمق في الحياة والتعرف على معناه الحقيقي أن نبدأ بالأهم ونترك المهم ، والمحظوظ منا من عاش بالقيم ليدرك أكثر مما يسع غيره أن يدرك، لأنّه سيكون أقرب ما يكون إلى الله إلى الحقيقة إلى معنى نبض الحياة معنى أننا هنا لغاية أسمى نلتمسها من العمق عمق الأشياء، وعمق الفهم والإدراك، وحدها القيم تستطيع أن تسطر للإنسانية خلوداً صارخاً على صفحات التاريخ وكأنها الأداة الخفية التي تستخرج من بواطن النفس البشرية جمالها، فيَظهر للوجود حضارة وفنوناً آداباً وفكراً و عطاءً زاخراً، ولذلك حيثما وُجدت القيم وُجدت حياة إنسانية.
@Sa_Alaseri