عبدالله الغنام


الشباب في كل أمة هم السواعد والطاقة التي تقوم عليها نهضة وعمران البلدان، هم يحملون بين جنبيهم الحماسة والنشاط، وحين يتلقون الاهتمام الصحيح، ويحضون بالاستراتيجيات المناسبة، ويكتسبون المهارات اللازمة، يصبحوا قوة فعالة وبناءة في المجتمعات.
يوافق يوم «15» من شهر يوليو الجاري «اليوم العالمي لمهارات الشباب»، والشعار لهذه السنة «2024م» هو: مهارات الشباب من أجل السلام والتنمية، وبحسب هيئة الأمم فإنه: سينمو عدد الشباب بأكثر من 78 مليون بين عامي 2021 و2030، وستشكل البلدان منخفضة الدخل ما يقرب من نصف هذه الزيادة، وتحتاج أنظمة التعليم والتدريب إلى الاستجابة لهذا التحدي، وأما محليا، فيقارب عدد الشباب 60% من تعداد السكان، وهذا يعني أنهم يمثلون الشريحة الأكبر من المجتمع، ويحتاجون إلى اهتمام أكثر من عدة نواحي منها على سبيل المثال لا الحصر: ورش عمل وتدريبات في مختلف التخصصات، وفعاليات علمية وثقافية ورياضية، ومنتديات حوارية، وحملات توعية، ومشاريع تطوعية، وفعاليات تقنية «التكنولوجيا»، وغيرها من الأنشطة، وكل ذلك سوف يعزز روح المسؤولية الوطنية والاجتماعية لديهم.
ويهدف هذ اليوم العالمي إلى التذكير بأهمية المهارات المكتسبة التي تتيح لشباب المتطلبات اللازمة للتوظيف، ولتمكينهم من الحصول على المهن المناسبة، فضلا عن تمكينهم أن يكونوا من رواد الأعمال.
ولعل السؤال البديهي هو: ما هي المهارات التي يحتاجها الشباب لحياتهم الشخصية والمهنية؟ منها مثلا: الذكاء العاطفي، والتفكير التحليلي والنقدي، ومهارات الكتابة، وتعلم اللغات، ومهارات التواصل مع الآخرين، ومهارات القيادة واتخاذ القرار، والقابلية للتغيير والتطوير، وتنمية التفكير الإبداعي، ومعرفة استخدام التكنولوجيا، وغيرها من المهارات التي هي مكتسبة وتحتاج إلى ممارسة وتعلم.
ولا بد من التذكير أن المهارات لدى الشباب متنوعة ومتفاوتة، ومن باب أن «كل ميسر لما خلقه له» لا بد أن يتلمس الشاب مبكرا الموهبة أو المهارة التي هو يُجيدها، ومن ثم يطورها مع بداية حياته، فذلك سيختصر له الوقت والجهد، ومن هنا تكمن أهمية الاستفادة من خبرات السابقين وتجاربهم، وكذلك لا بد من أن يبدأ من حيث أنتهى الآخرون.
وأما عن كيفية تطوير المهارات فهي متعددة منها: حضور الدورات التدريبية والندوات والفعاليات، والمشاركة في المنتديات المهنية، ومتابعة المستجدات في مجال التخصص، والاهتمام بالتواصل الفعال مع الخبراء والمستشارين.
ومن المهم التأكيد على أن الموهبة في مهارة معينة وحدها لا تكفي! إذ أن النجاح يتطلب الجهد والعمل الشاق خصوصا في البدايات، لقد قضى التابعي عطاء بن أبي رباح نحو ثلاثين سنة في الحرم يتعلم وينمي مهاراته، حتى قيل يوما: لا يفتي الناس في الحج إلا عطاء! ويُذكر أن «ديموستنيس» اليوناني كان يتلعثم بشدة في الكلام، وأراد أن ينمي مهارة الخطابة ومحادثة الناس لديه، فاضطر إلى حبس نفسه في بيته ليقرأ بصوت عالي وجهوري لأيام متطاولة، وكان أيضا يذهب إلى البحر ويضع في فمه الحصى حتى يستقيم نطقه للحروف والكلام، وكان يُخاطب ويصرخ في وجه الأمواج كأنها الجماهير، وبعد الجهد الشاق، والعمل الدؤوب أصبحنا نحن والتاريخ نذكره إلى اليوم بأنه خطيب اليونان المفوه والشهير.
وبما أننا نتحدث عن الشباب «والشيء بالشيء يذكر»، فإنه من الملاحظ أنه في الشهر القادم «أغسطس» يوجد أيضا في روزنامة هيئة الأمم يوم رسمي عالمي يسمى: «يوم الشباب الدولي» وهو يوافق (12 آب/أغسطس)، فلعله من المناسب جدا دمج هذين اليومين العالميين مع بعضهما البعض تحت مسمى واحد، حيث أن الفكرة لكليا اليومين متشابهان.
الشباب إذا لم يشغلوا أنفسهم بالمهارات، فسوف تُشغلهم التفاهات!!
@abdullaghannam