وسيمة العبيدي


لقد تعددت أسباب عزوف الشباب عن الزواج والتي منها، تغييرات اجتماعية وثقافية كازدياد الاهتمام بالحياة العلمية والعملية والسعي وراء النجاح المهني على حساب الحياة الشخصية، انتشار ثقافة الاستقلالية والحرية الشخصية لدى الشباب، الرغبة في تحقيق الاستقرار المادي قبل الزواج، من تلك الأسباب أيضاً ظروف اقتصادية كارتفاع معدلات البطالة وتدني مستويات الدخل، ارتفاع تكاليف المعيشة والخوف من عدم القدرة على توفير مستوى معيشي مناسب للأسرة، إضافة لنقص الدعم والتوجيه الأسري والمجتمعي حول أهمية الزواج والأسرة وافتقار الشباب للمهارات اللازمة لبدء حياة زوجية وأسرية.
وعلى الرغم من كثرة الأسباب وتعددها، إلا أن إيجاد الشخص المناسب أو رفيق الروح الذي سنقضي معه حياتنا يعتبر سبباً قوياً يمنع الشباب من الإقدام على الزواج.. تقدم شاب لفتاة فسأله أبوها: ماذا ستقدم لها؟ فأجاب الشاب: أنا موظف ولدي شقة وسيارة، فيسأله الأب مرة أخرى: نعم ماذا ستعطيها؟ فيجيب الشاب: مهر وشبكة. فيسأله الأب للمرة الثالثة: نعم، ماذا أيضاً؟ فيجيب الشاب بارتباك: أنا حاضر لأي شيء تطلبونه يا عم من 100 لمليون ريال! فيتفاجأ الشاب بالرفض في نفس اللحظة، وعند استفساره عن سبب الرفض أخبره الأب ببساطة أن لا حاجة لابنته بكل ما ذكره، فهي تعيش معهم حياة سعيدة، معززة، مكرمة، مكتفية مادياً، ومدللة عاطفيا، وأنه يريد لابنته رجلاً يصونها، يحميها ويحفظها ويكون لها زوجاً وحبيباً وأخاً وصديقاً وسنداً لباقي حياتها، لا يكسر لها قلباً ولا يجرح لها خاطراً ولا يبكي لها عيناً سواء في حياة أبوها أو بعد مماته.
يكشف لنا تصرف الأب في القصة أعلاه بعض المعايير في اختياره للزوج المناسب لابنته وفلذة كبدة التي أنجبها وتعب في تربيتها وتنشئتها، فكان لا بد من اختبار الرجل ثم اختياره بالمواصفات التي تجعله يطمئن عليها مع زوج المستقبل، وأن يتأكد من أن يكون حامياً وسنداً وقواماً عليها وعلى جميع أمورها، سواء مادية أو معنوية، وأن ابنته ستعيش سعيدة مع زوجها ولن تحتاج لأحد بوجوده.
إن الإنجاب سهل، لكن التربية صعبة، فلنربِّ أولادنا على تحمل المسؤولية ونعلمهم أن الرجولة ليست بالقسوة والقوامة ليست بالتسلط فلنربِّ رجالاً.
@Waseema