كم حطم من آمال وطموحات تصديق كل ما نسمع!
ينشر شائعة في مجلس أو في موقع تواصل، فيصدق البعض ويبني على هذه الشائعة قرارات لا تكون في صالحه.
وكم فرق بين أحبة وأصدقاء تصديق كل ما نسمع!
يعمل أهل النميمة والتشويه، فيصدق أحدهم ويقاطع فتنقطع العلاقات وقد تتدمر بيوت.
وكم أشغل المجتمعات تصديق كل ما نسمع!
فالبعض يكذب، والآخر ينشر، والثالث يرد، والرابع يتوقف، فيتقهقر المجتمع وينشغل بما لا يرقى به ولا يتقدم من خلاله، وإنما المجتمعات بأفرادها، ومن اطلع على مواقع التواصل وما يجري فيها من تصديق غريب من خلال التعليقات على أخبار يتضح لكل من ملك ذرة عقل تهاويها، ليتملكه العجب.
هل نستطيع أن ننهي الشائعات؟
لا! فوراءها قلوب سوداء وعقول ملوثة ومؤسسات تعمل بجد، ولا يمكن أن يخلو منها زمن أو مجتمع، ولكن نستطيع أن نحجّمها بوعينا، وتنمية فكرنا وقدراتنا لنتعامل التعامل اللائق بالكذب والكذابين.
عندما نقرأ سيرة رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم نجد أنه لم يسلم من الشائعات، بل استعملها الأعداء كوسيلة من وسائل الحرب على رسالة الخير والحب والسلام، فقالوا عن القرآن: «أضغاث أحلام» يراها محمد بالليل ويتلوها بالنهار، وقالوا: «بل افتراه» من عند نفسه، وقالوا: «إنما يُعلّمه بشر»، وقالوا: «إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قومٌ آخرون»، «وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً»، وقالوا: إن له جنًا أو شيطانًا يتنزل عليه كما ينزل الجن والشياطين على الكهان.
وكان الرد صارماً وموافقاً للعقل لمن ملك العقل: «هل أنبئكم على من تنزّل الشياطين تنزّل على كل أفّاك أثيم» أي أن الشياطين تتنزل على الكذاب الفاجر المتلطخ بالذنوب، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشهادتهم ليس كذلك.
وقالوا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مصاب بنوع من الجنون، فهو يتخيل المعانى، ثم يصوغها في كلمات بديعة رائعة كما يصوغ الشعراء، فهو شاعر وكلامه شعر، وقال الله تعالى ردًا عليهم: «والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون»، وهذه الصفات كلها ليست في محمد صلى الله عليه وآله وسلم، هل صدق صحابة رسول الله الشائعات؟ لو صدقوها لما أصبحوا سادة العالم.
@shlash2020