حسن النجعي


قصص الكفاح عبر التاريخ تخفي خلفها جملة من التضحيات والحيثيات والعبر وتختلف بحسب اختلاف طبيعة أبطالها وسيبقى الأثر والتأثير هو العامل الأساسي المشترك بين هذه القصص وما نستلهمه من تفاصيلها ومعانيها.
في كل مرة أنظر إلى أبي، أجد نفسي أمام لوحة فنية تجسد رحلة حياة مليئة بالتضحيات، الحب، والعمل الدؤوب. الشعر الأبيض الذي يزين رأسه وجبينه ليس مجرد علامة على التقدم في العمر، بل هو سجل حيّ يحكي قصة النعيم الذي أعيشه اليوم. كل شعرة بيضاء تحمل في طياتها قصة، درسًا، وتجربة، وكلها تترجم إلى النعيم الذي أعيشه بفضل تلك التجارب.
منذ أن كنت صغيرًا، كنت أراقب أبي وهو يعمل بلا كلل أو ملل لتوفير حياة كريمة لنا. كان يستيقظ قبل طلوع الشمس ويعود بعد غروبها، محملاً بالجهد والتعب، ولكن دائمًا بابتسامة في وجهه. لم يكن العمل بالنسبة له مجرد وسيلة للرزق، بل كان تعبيرًا عن حبه لنا ورغبته في أن نعيش حياة أفضل، الشعر الأبيض الذي بدأ يظهر على رأسه في تلك السنوات المبكرة كان نتيجة لتلك الساعات الطويلة من العمل والتضحيات التي قدمها.
لطالما كان أبي يؤمن بقيمة التعليم باعتباره المفتاح لمستقبل أفضل، كان يحثنا دائمًا على الاجتهاد في دراستنا ويعطينا كل الدعم اللازم لتحقيق طموحاتنا، أتذكر الليالي التي كان يجلس فيها بجواري، يساعدني في حل مسائل الرياضيات أو يشرح لي دروس التاريخ، رغم تعبه وإرهاقه. الشعر الأبيض الذي ازداد في تلك الفترة كان شاهدا على تلك الليالي الطوال والتحصيل العلمي الذي ساهم بشكل كبير في بناء مستقبلنا.. ويستمر الحديث بعنوان جديد.
@alnajaei_1