عبدالعزيز الذكير يكتب:

مقال قبل الاخيرة - الاثنين


أردتُ تسليم مغلف هام إلى قريب، وبما أن منزله لا يبعد كثيرا فقد قررت أن أسلمه له بيدي، ضغطت زر الجرس ففتحت الباب خادمة ، وسألتها هل فلان موجود «كي أتأكد من كونه في الرياض وليس مسافرا «وعندما أجابت بالإيجاب سلمتها الظرف وطلبتُ منها أن تسلمهُ إليه، فقالت: بالعربية: أنت سوّاق مين؟ فأشرت لها إلى الاسم في أعلى الجهة اليسرى من المظروف وانصرفت.
من هذه ومثلها يتضح لنا أن السائق يُكلف بنقل مهام وليس فقط بني آدم، مثل هذه أو قريب منها دق بابي رجل وسلّم لي ثلاث دعوات زواج ، قائلا : أنا سواق أبو «....»، ولما قرأت الاسم على المظروف وجدتُ أنه لا يخصني، كما أن أبو «...» لم يكن معروفا لديّ
ومن المعاجم أجد أن مفردة السائق لم تأت على لسان العرب إلا لتعني السوق، والسوق والسَّوق: معروف. ساقَ الإبلَ وغيرَها يَسُوقها سَوْقاً وسِياقاً، وهو سائقٌ وسَوَّاق، شدِّد للمبالغة؛ وقوله تعالى: وجاءت كلُّ نَفْسٍ معها سائقٌ وشَهِيد؛ قيل في التفسير: سائقٌ يَسُوقها إلى محشرها، وشَهِيد يشهد عليها بعملها، وقيل: الشهيد هو عملها نفسه، وأَساقَها واسْتاقَها فانْساقت .
والطباخ في كل أنحاء الوطن العربي اسمهُ طباخ ، وكذا كثير من الحرف . إلا أن السائق في كل قطر عربي له اسم يختلف عن البلد الآخر . ففي أقطار الشام يسمونه «شوفير» وجاءت من الفرنسية، وفى الخليج «دريول» – بكسر الواو ، وجاءت من الإنجليزية «درا يفر» وفي العراق سائق .
قال شاعر شعبي يصف رحلتهم من الشام من بلاد الشام جينا بالمكينة + فوق «هدسون» ما تخثّع بالطمانِِِِ
«الشوفير» من المدارس ناحتينه + أرمنيّ يجدعه جدع الحصانِ
قذلة الطربوش ناسفها يمينه + وان ضواه الليل شب الكهربانِ
وهدسون ماركة تجارية من أنواع السيارات، وأرجو أن لا يعتبرها الزملاء في قسم الإعلان دعاية أُحاسب عليها.
وأطلقت النساء قديما العنان لتدليل سائق اللوري عند ذهابهن للحج قديما . فكل امرأة كانت – في العادة – تحمل صرة تصاحبها، فيها كليجا وبيض مسلوق أو فصفص أوحمّص . لأن المسافة بين أواسط نجد ومكة المكرمة تأخذ سبعة أيام أو أكثر . فكن يرسلن للسائق ومعاونه شيئا مما يحملن طلبا في إرضائه الدائم وسعة صدره
إذا؛ تدليل السائق ليس جديداً