سعود القصيبي


نحن معشر التجار قلما نتحدث في الأمور السياسية فهي ليست من اختصاصنا، وإن تحدثنا فهي من جانب أثر انعكاساتها الاقتصادية بغرض التحوط والاستثمار، ولعل الصدف قادتني أن أحضر أحد محافلها في ولاية نيويورك في حي برونكس، وهي الصدف أيضا أن أشاهد وعلى كثب الإجراءات الأمنية لتلك المحافل للانتخابات الأمريكية، وقد كتبت مقالا حينها عن تلك التجربة. إلا أن الأحداث الأخيرة من محاولة اغتيال الرئيس السابق للولايات المتحدة الامريكية ترامب ذكرتني بما شاهدت ووقفت علية كشاهد عيان لمثلها من محافل مما لم اشمله بتلك المقالة.
محفل حي برونكس الانتخابي كان موقعه في حديقة عامة مغطاة بأشجار كثيفة، الحديقة كانت ملاصقة للحي الذي عرف بانعدامه الأمني وضعف الموارد المالية لسكانه، وقفت سيارة أوبر المقلة لنا حينها في تقاطع طرق به حواجز للسيارات. ولدهشتي كانت الأرصفة الخارجية للحديقة هي مسار الانتظار للدخول بعرض الحديقة وتزيد، وكانت سيارات الأمن واقفة بأعداد مبالغ فيها بجانب الأرصفة وكأن قصد وقوفها بتلك الطريقة وكأنها جزء من عمل مسرحي، كانت تلك السيارات خالية من أفراد الأمن حين نمر عليها وإن شاهدنا بعضهم خارجها، كان أغلبهم يتسامر وفي حالة عدم تأهب.
لم يكن هناك أية تنظيم يذكر من أفراد الأمن سوى بعض حواجز السيارات وكان جل ما شاهدنا من أفراد أمن هو قبل دخولنا لتلك الحديقة بالشوارع الخارجية المؤدية لها وبأعداد جدا قليلة، كان هناك ثلاثة منافذ للتفتيش للدخول ألى المحفل من داخل الحديقة إلا أن كان السير فيها بطيئا جدا، وجدا غير منظم، فلم يكن هناك بما نقول بالعامية «سره» إنما فواصل متعرجة متسعة عرضا يتقاتل فيها الموجودون لحيز متقدم للوصول إلى بوابة التفتيش.
كنا لا نزال ننتظر الدخول حين وصل الرئيس السابق ترامب وكنا نشاهده من بعيد، عند التفتيش لم يسمحوا بدخول المظلات وأي شيء معدني وكانت هناك سلال مملوءة بأشياء مختلفة ملقاة وكانت بمتناول الجميع وليست معزولة كما نشاهدها في المطارات، كان البعض عندما يفقدوا امل تحرك السير يقفزون إلى المسارات الأخرى الأقل كثافة ومن دهشتي أن ذلك لم يثر أحد، ورغم الآلاف من البشر منتظري الدخول لم يكن هناك إلا شرطية وشرطي وقفا من بعيد، يقتربان كل فترة ويذهبان بعد ان يتلقيا شتائم من الحاضرين. البعض ممن كان ينتظر الدخول مل وذهب إلى مرتفع بمدخل الحديقة ليسمعوا الخطبة ومعهم مكبرات صوتية بينما يشاهدوا الرئيس ترامب من بعيد، حينها بدا لي سوء التنظيم مقصودا لا سيما من اختفاء أجهزة الأمن وقلة أفراده بما لا يتناسق مع أعداد الحاضرين أو من حتى تواجد لمنظمين.
عندما سمعنا طلقات الرصاص بدت وكأن الصوت جاء من خارج الحديقة، ورغم خروج البعض خوفا ممن كان منتظرا الدخول للمحفل عند سماعهم لتلك الطلقات، إلى أنى اعتقدت أن المكان غير آمن بسبب كثافة الأشجار واتساع مناطق الدخول لحرم المحفل لمن اراد الدخول دون تفتيش.. وما خطر في ذهني حينها أن احتمي بمن هم حولي من أسباب شدة زحام الانتظار إن حصل شيء مكروه لا سمح الله، ومما زاد من حيرتي حينها كتنظيم أن ذات نقطة التفتيش للدخول للمحفل اتت بمسافة لا تتعدى مائتي متر من المنصة الرئيسية أو نحوها بينما كان سهلا تواجدها عند مدخل الحديقة، من المشاهدات الأخرى كان هناك درون متجول وآخر ثابت في منتصف ساحة الجماهير خلال فترة المحفل الذي استمر لساعتين الا أنه لم يغطي الحدود الخارجية له.
في ختامي.. برأيي الخاص من مشاهداتي أن لا غرابة أن نسمع بأي نظرية كانت كتفسير أن يلحق سوء أثناء غير ذلك من محافل مشابهة.
@SaudAlgosaibi