هناء مكي


لم يعد في الاقتصاد اليوم شيء تقليدي إلا الأجيال التقليدية ذاتها التي باتت تنسجم مع التغيرات السريعة للعصر الحالي، فالأجيال المتلاحقة تستعد كلا على حدا لتأسيس جيل معاصر فرد يجمع الطاقات والأفكار الجديدة والأهم هو المغامرة والتحدي، الصفات التي تتسم بها الأجيال الجديدة، وتخدمهم التقنية المتطورة والأدوات المتاحة والظروف الصعبة أيضا، لذا، نتوقع أن تتغير خارطة الاقتصاد قريبا بكل ما يتشكل عليه من قواعد.
في تقرير نشرته الفوربيس، سلط الضوء على انتقال الثروة من جيل إلى جيل ومدى تأثيره على الاقتصاد وسوق العمل الحالي والقادم، جاء فيه أن جيل الطفرة السكانية «Baby boomers»، يستعد لنقل الثروة إلى جيل الألفية ما سيترتب عليه تحول في سوق العمل، وقد يختار البعض متابعة ريادة الأعمال أو أخذ إجازة من العمل للسفر أو متابعة اهتمامات أخرى، وقد يؤدي تدفق الثروة إلى زيادة الطلب على بعض الصناعات، مثل السلع والخدمات الفاخرة، وسيكون لتسليم الثروة تأثير كبير على الاقتصاد، ومن المتوقع أن يمتلك جيل الألفية ثروة تعادل خمسة أضعاف ما يملكه اليوم بحلول ثلاثينيات القرن الحالي. مما يترتب عليه زيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار والنمو الاقتصادي، وينشط اكثر سوق الأوراق المالية مع وضع الأموال في الاستثمارات.
ويقول المؤرخ الامريكي جيوفري جونز في مقابلة مع «The Economic Times»، اليوم بات بعض الناس يكتسب صفة «craziness» الجنون/غير المنطقي، بمعنى أن بعض الناس ببساطة لا يقبلون أن المضي وفق المعايير لأنها ليست جيدة بما فيه الكفاية للنجاح، فيقررون القيام بشيء مختلف تمامًا يسميه الناس جنون، وفي كثير من الأحيان، يصبح ما يسمى بالشيء المجنون هو القاعدة الجديدة. هؤلاء القوم «المجانين» هم في الواقع متنبئون بالمستقبل والمؤسسون للجيل الجديد، إذ نشهد الآن تحولاً جيلياً.
المستهلكون الأصغر سناً يدركون تماماً حقائق مثل الأزمة البيئية. وهم أيضاً أقل حظاً من الأجيال الأكبر سناً ، ففي الولايات المتحدة، لا يستطيع العديد من الشباب تحمل تكاليف شراء منزل الآن مع ارتفاع أسعار العقارات. لذا، هناك وعي بالمشاكل الاجتماعية إلى جانب الخبرة الشخصية بأن الأمور لا تسير كما ينبغي. وهذا يدفع إلى إحداث تغييرات بين المستهلكين، كما أنه يشعل شرارة أنواع جديدة من الشركات الناشئة التي تحاول تصحيح بعض هذه الاختلالات.
وهذا ما اكد عليه تقرير «CNBC»، وتطرق الى أن الجيل Z حياتهم أصعب من حياة آبائهم والاقتصاد هو المسؤول عن ذلك، فأكثر من نصف أفراد الجيل Z، بنسبة 53% بحسب التقرير، أكدوا على إن التكاليف المرتفعة تشكل عائقًا أمام نجاحهم. ويواجه جيل الألفية والجيل Z تحديات مالية أخرى لم يواجهها آباؤهم عندما كانوا في مرحلة الشباب، فالأجور التي يتقاضونها أقل من دخل آبائهم عندما كانوا في العشرينات والثلاثينيات من العمر، ووجدت دراسة حديثة أخرى لمؤشر الرخاء أجرتها شركة البرمجيات الامريكية «إنتويت» -Intuit - أن حوالي ثلاثة أرباع الأمريكيين من الجيل Z قالوا إن اقتصاد اليوم يجعلهم مترددين في تحديد أهداف مالية طويلة الأجل، وقال ثلثهم إنهم قد لا يكون لديهم أموال كافية للتقاعد.
لا تختلف الظروف الجيلية لدينا عنهم، بل بالعكس بات لخروج المرأة للعمل حاجة ترتبت عليها المزيد من النفقات، وكل ذلك ارهاصات لنقلة ستشهدها ثلاثينيات القرن الحالية.
@hana_maki00