قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديثين خديجة رضي الله عنها، إنَّ حسنَ العهدِ من الإيمانِ، وقال السخاوي: «وإنّ حسن العهد» ينصرف لغة إلىوجوه، أحدها: الحفظ والرعاية، أي: الوفاء ورعاية العهود القديمة، ومما لا شكفيه، أن الوفاء يكون أوله، لخالق الإنسان وباريه، والمنعم عليه بنعمه الذي لاتحص، فهو جل وعلا، أولى بشكره، قال تعالى «رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَالَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِيعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ».
ولعل بعد المنعم - جل وعلا - ، يأتي النبي - عليه الصلاة والسلام - ، من كان له الفضل في هدايتنا للإسلام، ومعرفتنا بشرائع ربنا وأحكام دينه، فلولاه لكنا عباد بقر أو شجر أو صنم، بل إنه كان يحمل هم أمته دائماً، حتى إنه يوم القيامة عندما يعتذر الأنبياء للناس عن الشفاعة يقوم لها ويقول للرب جل وعلا أُمَّتي يا رَبِّ، أُمَّتي يا رَبِّ، أُمَّتي يا رَبِّ، فكيف لا لنا ألّا نوفيه عهده، ثم، الوفاء، و الرعاية لمن يحبّك أو يحبّ من يحبّك، وهنا أقف إجلالاً لأم حملتكرهاً ووضعت كرهاً، وربت ورضعت، وسهرت وتعبت، ولأب ضحى واجتهد وتحمل الأحمال الثقيلة على عاتقه، فلم يشتكي من تعب ولا من نصب.
ثم الوفاء يكون كذلك لزوجة حنون، تشاركك هموم الدنيا، وتخفف عنك من أعبائها، بكلمها الطيب وبتضحيتها العدّة، وبصبرها الذي يكون كالبلسم على الجروح، ويكون الوفاء كذلك، لزوج طيب عطوف، سمح كثير التجاوز، يعطي فلا يمن، ويبذل دون كلل ولا ملل، سند في الدنيا وظهر لزوجته وأسرته.
والوفاء كذلك يكون، للإخوة والأخوات، وللأقارب وللأصدقاء، فلكل منهم أثر طيبفي حياتنا، فلعنا نذكر لهم، موقف أو مواقف كثيرة، كانوا فيها سند لنا ودعماً، إما بكلمة طيبة، أو تصرف رائع، أو عِلاقة راقية، تنم على طيب صاحبها وصدقه.
وفي، قوله - عليه الصلاة والسلام - ، إنه من الإيمان، أي: كما قال السخاوي ،من أخلاق أهله وخصالهم، أو من شعب الإيمان ومقتضياته، لأن من كمال الإيمان مودّة عباد الله ومحبّتهم، فإن أحببنا أن يكتمل إيماننا، فلنكن من أهل الوفاء بالعهد.
*قال الشاعر:
مـا كان لِله مِنْ وُدٍّ ومِـنْ صِلَـةٍ
يَظلُّ في زَحْمَةِ الأَيَّـامِ مَوْصُـولا
يظلُّ ريّانَ مِنْ صِدقِ الوَفـاءِ بِـه
يُغْني الحياةَ هُدىً قد كان مأمـولا
@azmani21