خالد الشنيبر


تنظيم علاقة العمل بين العامل وصاحب العمل له دور كبير في تحسين العديد من مؤشرات سوق العمل، وله تأثير مباشر في جذب أفضل الكفاءات والحفاظ عليها، وأيضاً في استقرار واستدامة المراكز الوظيفية، واذا صاحب هذا التنظيم حماية متوازنة لصاحب العمل والعامل سنجد تطور كبير في سوق العمل وبيئة العمل.
سوق العمل السعودي عانى لسنوات طويلة من تحديات عديدة، وفي آخر ٥ سنوات تم تطبيق العديد من المبادرات والإصلاحات لترقية وتطوير سوق العمل، وشهدنا من خلالها نقلة نوعية كبيرة خاصة مع المتغيرات العديدة التي تشهدها اقتصادات العالم بما فيها الاقتصاد السعودي، وفي هذا المقال سأتطرق لأحد التشوهات في سوق العمل وهو مختص في عقود العمل، والتي أعتقد من المهم أن يعاد النظر فيها استكمالاً الإصلاحات الحالية.
العلاقة بين العامل وصاحب العمل يربطها «عقد عمل»، من خلاله يتم تحديد الشروط التي يجب على كل منهما الالتزام بها أثناء فترة العمل، حيث ينظم هذا العقد العلاقة بين العامل وصاحب العمل ويحدد الحقوق والواجبات لكل منهما، وللعقد أركان رئيسية وهي «العرض والقبول، نوع العمل، الأجر، الزمان»، وهذا هو الأساس في أي علاقة عمالية، ولكن ما يتم العمل عليه منذ سنوات عديدة فيما يخص «العقد غير محدد المدة» أرى أنه غير صحي للسوق ولجميع أطراف سوق العمل.
شخصياً أنا ضد ممارسة وجود عقد عمل «غير محدد المدة»، أو عقد يتحول بعد فترة معينة من محدد المدة لغير محدد المدة، وذلك يرجع لعدة عوامل تتعلق بالأثر الاقتصادي على سوق العمل، ومنها على سبيل المثال وجود هذا العقد يعتبر عامل رئيس في تقليل التنافس بين العاملين مما يؤدي لتدني الإنتاجية والجودة في العمل، بالإضافة لذلك لن نجد أي تحسين فعلي في انخفاض معدلات البطالة، ولن نجد تفرقة بين العاطل والمُعطل، خاصة أننا نعمل على إصلاحات جذرية في سوق العمل.
إضافة لذلك؛ وجود هذا النوع من العقود يعني ضعف الحماية للطرفين ويؤدي لعدم الاستقرار، حيث يمكن للطرفين إنهاء العقد في أي وقت، مما يزيد من عدم الاستقرار سواء لدى العامل أو صاحب العمل، وله تأثير سلبي على التخطيط المستقبلي للطرفين بسبب عدم الاستقرار، ويزيد من تقلبات السوق من خلال استغلاله بطريقة خاطئة من بعض أصحاب العمل، وأيضاً قد يؤثر سلباً على الاستقرار المالي للأفراد وقدرتهم على التخطيط للمستقبل بشكل فعال.
ما نحتاجه حتى يكون لدينا سوق عمل صحي وعلاقة عمل صحية هو وجود ضوابط واضحة وتطبيق صحيح لأصل العلاقة العمالية بين طرفي العقد، وبمعنى أوضح إعادة النظر في هذا النوع من العقود الذي له سلبيات عديدة، وأيضاً إعادة النظر في جميع مواد نظام العمل التي لها علاقة في هذا النوع من العقود، مما يساهم ذلك في رفع كفاءة سوق العمل والعاملين فيه.
مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية التي تم تطبيقها في سوق العمل كان لها دور كبير في تحسين سمعة سوق العمل السعودي، وكان لها دور كبير في تنظيم العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد، ومن خلالها يتضح أن الأساس في العلاقة هو عقد العمل فقط وبمدة محددة، ولو كانت تلك التجربة غير ناجحة فمن المنطق الاستناد عليها في عدم جدوى إلغاء عقد العمل غير محدد المدة للعمالة السعوديين.
ختاماً؛ في العقد محدد المدة يكون القانون أقوى وأوضح لجميع الأطراف، فهل نشهد اعادة نظر في هذا النوع من العقود خلال الفترة المقبلة؟، خاصة مع امتداد مسيرة الإصلاحات الاقتصادية في المملكة بعد التوجه للخصخصة ودخول استثمارات أجنبية متعددة.
@Khaled_Bn_Moh