عبدالله العزمان


نعتقد أنه كلما زادت خياراتنا، زادت معها رفاهيتنا، كخيارات التسوق أو السفر أو التجارة، بل وحتى الحياة الاجتماعية، كالزواج أو الصداقات، لأن المنطق يقول كلما زادت تلك الخيارات، أصبح من السهل علينا، أن نبحث عن ما هو أفضل وأحسن، والحقيقة، التي تبينها الشواهد والدراسات البحثية، هي على العكس تماماً.
ففي عام 1974، قام ثلاثة من الباحثتين من جامعة بردو الأمريكية، بدراسة عن منظفات الغسيل، ووجدوا من خلال التجربة التي أجروها على عدد كبير من المشاركين، انه كلما زادوا من عدد المنظفات المعروضة للناس، اتجه الناس لاختيار المنتج الاسوء.
كما ذكر عالم الاجتماع الأمريكي برترام مايرون غروس، أن توفير الكثير من المعلومات يعيق القدرة على التركيز والاستفادة منها، وبين لنا ألفين تولفر في كتابه «صدمة المستقبل»، أن كثرة الخيارات المتاحة أمامنا تصيبنا بالحيرة، وتجعلنا أقل رضا عنها، بل أنها أحياناً تشل قدرتنا على الاختيار أصلاً.
ولو توقف الأمر على ذلك الحد لقلنا، أنه أمر يمكن السيطرة عليه بسهولة، ولكن المشكلة، أن الأمر قد يتفاقم مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى نوبة من الغضب أو الإحباط، ولعل من الشواهد العملية على ذلك، الحيرة التي يجدها بعض المتفوقين من خريجي المرحلة الثانوية، حيث تجد، أنه يتوه في زحمة الخيارات، ويكون حاله، كما قليل في المثل العربي تكاثرت الضباء على خراش فما يدري خراش ما يصيب، فتمر عليه الأيام، دون أن يحدد طريقه، فيفقد على إثر ذلك كل الفرص التي كانت متاحة له.
ختاماً، يتضح لنا مما سبق، أنه كلما زادت خياراتنا، كلما اندفعنا الى الاختيار الأسوء دون أن نشعر بذلك، فلنحرص على تقليل خياراتنا، لنتوصل إلى أكثر الخيارات المناسبة لنا، ولنستمتع ونسعد بما نملكه.
قال الشاعر:
وإذا ما أظلّ رأسك همّ
قصّر البحث فيه كيلا يطولا
أدركت كنهها طيور الرّوابي
فمن العار أن تظل جهولا
ما تراها والحقل ملك سواها
اتخذت فيه مسرحا ومقيلا
@azmani21