خالد الشنيبر


في السنوات السابقة تعمقت بشكل كبير في مواضيع الحوكمة في منشآت القطاع الخاص، والتي تعتبر أحد أهم العوامل لتحديد نجاح تلك المنشآت واستدامتها، وبالرغم من محاولة العديد من منشآت القطاع الخاص لتطبيق الحوكمة، إلا أنه للأسف مازالت الممارسات بعيدة البعد عن المعنى الحقيقي للحوكمة.
مصطلح الحوكمة تداول بشكل واسع في مطلع التسعينات بعدما تمت إعادة صياغته بواسطة علماء الاقتصاد والعلوم السياسية، ومنذ ذلك الوقت بدأ المصطلح يأخذ صدى أوسع وانتشار أكبر في عالم الأعمال، ولا يقتصر معناه على الإطار القانوني أو الاجراءات التنظيمية، حيث يمثل نهجًا شاملاً لإدارة وتوجيه منشآت القطاع الخاص نحو التميز والاستدامة، وله دور كبير في تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.
تعتمد فعالية الحوكمة على عدة عوامل؛ من أهمها تبني مبادئ الشفافية وتعزيزها من خلال وجود نظام واضح وشفاف داخل المنشآت والأطراف ذات العلاقة بها، وأيضاً تلعب الحوكمة دور فعال لتحقيق أداء متميز داخل المنشآت من خلال وضع استراتيجيات وأهداف واضحة، وهذا الأمر يعزز ويحفز من عمليات الابتكار والإبداع داخل المنشآت، وبالإضافة لذلك تؤدي الحوكمة لرفع معدلات الامتثال للقوانين والتشريعات المحلية والدولية مما يقلل من المخاطر القانونية والعقوبات، وبذلك يتم حماية حقوق المساهمين وأصحاب المصلحة بنزاهة
منذ الإعلان عن رؤية المملكة نجد أن ثقافة الحوكمة بدأت بالانتشار في القطاع الخاص، وهناك نماذج نجحت في تطبيق أفضل معايير الحوكمة لرفع مستوى أدائها وتحسين عملية اتخاذ القرارات، ولكن تبقى تحديات تطبيق ثقافة الحوكمة تتمركز بشكل أكبر على المنشآت العائلية خاصة مع تعاقب الأجيال، حيث تواجه هذه المنشآت تحديات واضحة عندما يتعلق الأمر بتطبيق مبادئ الحوكمة، بسبب البيروقراطية الزائدة والإجراءات الداخلية المعقدة، وضعف المعرفة والوعي بأهمية الحوكمة وكيفية تطبيقها بشكل فعال.
من أهم التحديات في تطبيق الحوكمة داخل المنشآت العائلية هو التداخل بين الشؤون العائلية والتجارية، مما يؤدي ذلك لتعقيدات تؤثر على عمليات اتخاذ القرارات والشفافية، ولذلك من المهم أن تكون هناك حدود واضحة بين الشؤون العائلية والتجارية وفصل للقرارات بينهم، وذلك من خلال إنشاء هياكل تنظيمية داخلية واضحة، وتحديد أدوار ومسؤوليات الأفراد بالهيكل بشكل واضح، إضافة لذلك من المهم استقطاب الكفاءات الخارجية وعدم الاعتماد فقط على أفراد العائلة مما يعزز من تبادل الخبرات والتجارب، والعمل بشكل مستمر على تطوير برامج التدريب في مجال الحوكمة لجميع المستويات في الهيكل، وأيضاً من المهم أن تكون عمليات التوثيق للقرارات واضحة ومؤرشفة لتوفير مستويات عالية من الشفافية، وتطبيق إجراءات المسائلة بشكل واضح.
كوجهة نظر شخصية؛ أعتقد من المهم أن يكون هناك حد أدنى لمستويات تطبيق الحوكمة لجميع المنشآت التي لها تعاقدات مع المشاريع الحكومية، وهذه الخطوة ستكون الأهم في رفع مستويات تطبيق الحوكمة ونشر ثقافتها بشكل أوسع وأسرع، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد وبناء بيئة أعمال صحية ومستدامة، وسيساهم أيضاً في تحسين العلاقة التعاقدية بين المنشآت والمشاريع، وتقليل احتماليات الفساد والتلاعب من خلال الامتثال للقوانين والتشريعات.
ختاماً؛ التشجيع على تطبيق الحوكمة بالشكل الصحيح يرفع من معدلات الثقة في الاقتصاد، ويعزز من جاذبية الاستثمارات داخل الاقتصاد بشكل كبير، وبما أن المنشآت العائلية تعتبر من أهم أذرعة الاقتصاد، فينبغي تحفيز نشر ثقافة الحوكمة فيها بشكل أكبر.
@Khaled_Bn_Moh