محمد العويس - الأحساء

كشف البروفسور الدكتور قصي التركي، المتخصص في حضارة بلاد الرافدين والخليج والجزيرة العربية، عن نتائج بحث علمي تؤكد أن سكان شرق المملكة العربية السعودية القدماء، ”الدلمونيين“، كانوا جزءًا لا يتجزأ من الحضارة السومرية، التي ازدهرت في جنوب بلاد الرافدين في الألف الثالث قبل الميلاد.

جاء هذا الكشف خلال ملتقى ثقافي نظمته جمعية الآثار والتراث بالمنطقة الشرقية، حيث استعرض الدكتور التركي أدلة أثرية وتاريخية تثبت الترابط العرقي والثقافي بين سكان الخليج القدماء والسومريين.

تنقيبات أثرية


أوضح الدكتور التركي أن التنقيبات الأثرية في منطقة الخليج العربي كشفت عن مئات المستوطنات القديمة التي تعود إلى العصور الحجرية، وتحتوي على قطع فخارية وأدوات حجرية مماثلة لتلك التي عثر عليها في جنوب بلاد الرافدين، مما يشير إلى وجود تواصل وتبادل ثقافي بين المنطقتين منذ آلاف السنين.

وأضاف أن ظهور المدن في جنوب العراق في الألف الثالث قبل الميلاد، والتي عرفت باسم ”سومر“، تزامن مع وجود ممالك دلمون ومكان على ساحل الخليج العربي، مما يشير إلى أن سكان الخليج لم يكونوا مجرد متلقين للحضارة السومرية، بل كانوا مساهمين فيها.

وأشار الدكتور التركي إلى أن الزيادة السكانية المفاجئة في مدينة ”أوروك“ السومرية في النصف الثاني من الألف الرابع قبل الميلاد، ربما كانت نتيجة لهجرة جماعية من منطقة الخليج العربي، مما عزز التنوع الثقافي في المجتمع السومري.

الأدلة اللغوية والدينية


لفت إلى الأدلة اللغوية والدينية التي تؤكد الترابط بين السومريين وسكان الخليج، مثل استخدام أسماء سومرية قديمة لآلهة دلمون، ووجود معبد في مدينة ”أور“ مخصص لعبادة ”إينانا - عشتار“، معبودة نجمة الزهرة السومرية، والذي أطلق عليه اسم ”ديلمونا“.

وأكد أن سكان الخليج العربي القدماء لم يكونوا مجرد بحارة وتجار مهرة، بل كانوا أيضًا مزارعين بارعين، حيث اشتهرت منطقة الأحساء، التي كانت جزءًا من دلمون، بإنتاج أجود أنواع التمور، والتي كانت تصدر إلى جنوب بلاد الرافدين.

واختتم الدكتور التركي محاضرته بالتأكيد على أن هذا الاكتشاف يمثل إضافة مهمة لتاريخ المنطقة، ويكشف عن جذور مشتركة بين سكان الخليج العربي وسكان بلاد الرافدين، مما يعزز الروابط الثقافية والتاريخية بين الشعوب العربية.