سعود القصيبي


القليل كتب عن القطيف أثناء التواجد العثماني، فما جاء لنا هو أقل القليل فالأرشفة المحلية لم تكن موجودة وما كان عند العثمانيين في البصرة كجهة إدارية مسؤولة عن المنطقة أثناء الاحتلال البريطاني للعراق، وما هو حاليا متوفر في الأرشيف العثماني بإسطنبول بتركيا هو أقل القليل من المراسلات عن المنطقة، إلا ان الاهتمام البريطاني بها جاء مبكرا ومنذ القرن الثامن عشر الميلادي فأرسلوا البعثات الواحدة تلو الأخرى كتبت ووثقت المنطقة ككل بتقارير حفظت لنا من خلالها ملامحها ما قبل الفترة الزمنية، كما جاءت بوصفها بعدد من الأعوام لاستعادة الملك عبد العزيز آل سعود - طيب الله ثراه - المنطقة.
ولعل الصدف أن أقع على ترجمة لتقرير بريطاني صدر عام 1904 م تناولت منه سابقا جزء مما كتب فيه عن الأحساء، وأقف هنا لأسرد الجزء الآخر مما كتب فيه عن القطيف ولعلها تمكننا من المعرفة العامة للأحوال تلك الفترة ككل، صدر التقرير البريطاني باللغة الإنجليزية من هيئة الأركان العامة البريطانية لوزارة الحربية تحت اسم التقرير العسكري عن شبة الجزيرة العربية.
للتعريف عن القطيف ذكر التقرير أنها «تقع على مدخل بحري على الساحل، وتبعد مسافة خمسة وثلاثين ميلاً تقريباً الى الشمال الغربي من جزيرة البحرين. وتضمّ قلعة قديمة تواجه البحر، يقيم فيها نصف السكان تقريباً، بينما تمتدّ بلدة شاردة تائهة غير منتظمة في جهاتها الجنوبية، أمّا القلعة التي قيل إنها ابتنيت قبل مائتي عام تقريباً، فهي محصّنة بأسوار عالية ذات نتوءات، ولها بوابة رئيسية تواجه البحر، وأخرى تقود الى البلدة. يبلغ طول واجهتها الرئيسية حوالي أربعمائة ياردة، وعرضها ثلاثمائة ياردة، لكن كلا الأسوار والقسم الأكبر من المنازل القائمة في داخل القلعة في حالة بالغة السوء، خربة مهترئة. وفي داخل القلعة تقوم السراي، أو مكاتب الحكومة والإدارة، لكن معظم السكان الأثرياء يقيمون خارجها، ويقوم خارجها أيضاً للسوق».
كما أشار التقرير إلى أنه يحيط بالقطيف «من جهة البرّ والى مسافات شاسعة» بساتين نخيل كبيرة واسعة وأراضي مزروعة، ويضيف التقرير ان بالقطيف أيضا وكما هو الحال في الأحساء أنه يتم استيراد كميات كبيرة من القمح من الخارج.
ويذكر أن «الماء العذب وفير وغزير يأتيها من الينابيع القريبة.» وعن ميناء القطيف يذكر التقرير أنه «ضحل، وان مياهه من العمق لدرجة لا تستطيع معها المراكب المحليّة والتي لا يتجاوز عمق غاطسها ستة أو سبعة أقدام الدخول اليه أو الخروج منه إلاّ حين يكون المدّ البحري عالياً، والمياه بالتالي عميقة.»
وبخصوص حاميتها العسكرية، ذكر التقرير أن «تقدّر حامية القطيف العسكرية انها عبارة عن كتيبة واحدة تركية بها مدافعين ميدانيين، في حين قدر عدد الجنود بثمانمائة جندي، وعن عدد السكان بالقطيف ذكر أنه يتراوح ما بين خمسة آلاف وإثني عشر ألف نسمة، وعن تجارة القطيف ذكر التقرير شيئا ربما أن يكون جديدا على أذهاننا بسبب تنوع تجارتها إن «تجارة اللؤلؤ هي التجارة الرئيسية هنا، في وقت لا تتوقف فيه الغزوات على القوافل التجارية، أما المسافرون فإنهم يطلبون مرافقين من الشرطة لحمايتهم، أو يضعون ترتيبات واتفاقات مع البدوية توفّر لهم المرور بسلام «.
إنما عن المناطق المحيطة بالقطيف فقد تناولها بشيء قليل ذاكرا ان كان يوجد في منطقة عنك برج مراقبة صغير الى الجنوب من البلدة، كما ذكر أن كان أيضا هناك برج مراقبة آخر فوق إحدى الجزر القريبة، أما عن مدينة الدمام ولدهشتنا أنه أشار لها لاعتقادنا أن لم يكن بها سكان وأن ما كان فيها سوى برجا قديما مهجور وعين ماء، ولعل التقرير يضيف شيئا جديدا الى أرشيف المعلومات التاريخية عن مدينة الدمام.
ذكر التقرير أنها أي مدينة الدمام «بلدة هامة تقع على بعد ثلاثين ميلاً تقريباً الى الغرب والشمال الغربي من البحرين»، وهنا يقف التقرير البريطاني عن القطيف وإلى معرفة أخرى تاريخية عن مدن بلدنا الغالي.
@SaudAlgosaibi
ولعل الصدف أن أقع على ترجمة لتقرير بريطاني صدر عام 1904م تناولت منه سابقا مما كتب فيه عن الأحساء