خالد الشنيبر


وافق مجلس الوزراء في جلسته الأسبوع الماضي، على تعديل عدد من مواد نظام العمل، والتي تهدف إلى خلق بيئة عمل أكثر جاذبية للعاملين، وتتوافق مع استراتيجية سوق العمل، والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة العربية السعودية.
أي تعديلات في الأنظمة والقوانين تتبناها أي جهة عامة فهي بالمقام الأول تستهدف تحسين وتطوير لحال سابق، وذلك لتحقيق مستهدفات معلنة منذ إعلان انطلاق رؤية المملكة، ولذلك، نجد أن التعديلات التي تمت الموافقة عليها تستهدف تطوير سوق العمل في المملكة وتعزيز الاستقرار الوظيفي، وحفظ حقوق أطراف العلاقة التعاقدية، إضافةً إلى تطوير الكوادر البشرية وتعزيز فرص تدريب العاملين وزيادة فرص العمل للمواطنين.
تنظيم العلاقة العمالية بين العامل وصاحب العمل لها دور كبير في تحسين العديد من مؤشرات سوق العمل، والمحافظة على تلك المؤشرات ليس بالأمر السهل، ولذلك مراجعة وتطوير نظام العمل تعتبر من الخطوات المهمة لرفع مستويات الامتثال والترابط بين العامل وصاحب العمل، وأيضا لها دور في استكمال مسيرة الإصلاحات في سوق العمل والتي عملت عليها منظومة الموارد البشرية منذ انطلاق رؤية المملكة، وسيكون لها دور في دعم القطاعات بجميع أحجامها لمواكبة المتغيرات المتسارعة في قطاع الأعمال.
أغلب التعديلات على بعض المواد استهدفت تنظيم حماية متوازنة للعامل وصاحب العمل، وبالرغم من ضبابية أحد التعديلات والمتعلقة في موضوع «إستقالة العامل»، فمن الصعب الحكم عليها حتى يتم الإعلان عن اللائحة التنفيذية لتفسيرها بشكل أوضح، وكوجهة نظر شخصية اعتقد ان سوق العمل بحاجة لتعديلات إضافية فيما يخص مستويات الحماية، حتى نصل للتعريف الصحيح لعلاقة العمل الفعلية.
فيما يخص موضوع تنظيم «الاستقالة»، تعتبر من أخطر المواد على سوق العمل، وستكون لها آثار سلبية عديدة إذا لم يتم توضيحها بالشكل الكافي وشرحها بشكل واضح بالتنسيق مع وزارة العدل، وهناك حالات عديدة في الاستقالة قد يتم استغلالها بطريقة سلبية خاصة في العلاقة العمالية بين العامل الوافد وصاحب العمل، ومنها على سبيل المثال عند تقديم العامل الوافد لطلب الاستقالة إلكترونياً لصاحب العمل وهو خارج المملكة، مما يعني صعوبة اتاحة المجال لصاحب العمل لتسليم المهام لموظف آخر بالإضافة لاستلام العُهد التي بحوزة العامل، والمهم في هذا التوجه هو كيفية ترجمته إلكترونياً في منصة قوى والتي تعتبر الوسيط بين الطرفين في سوق العمل.
من المواد التي كنت أتوقع أن يتم تعديلها هي المواد المختصة في ما يعرف بـ «العقد غير المحدد المدة» والخاصة بالعامل السعودي، فوفقاً للسياسة الوطنية لتشجيع تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة في الاستخدام والمهنة بالمملكة، والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة، أرى أن من المهم إلغاء هذا النموذج من العقود وتوحيد أنواع العقود على جميع العاملين بغض النظر عن جنسية العامل، حتى يكون لدينا سوق عمل صحي وعلاقة عمل صحية تحفظ حقوق طرفَي العقد، وكوجهة نظر أرى أن وجود هذا النوع من العقود يعني ضعف الحماية للطرفين ويؤدي لعدم الاستقرار، حيث يمكن للطرفين إنهاء العقد في أي وقت، مما يزيد من عدم الاستقرار سواء لدى العامل أو صاحب العمل، وله تأثير سلبي على التخطيط المستقبلي للطرفين بسبب عدم الاستقرار.
بإختصار؛ التعديلات على المواد في نظام العمل ستعزز من تحقيق التوازن بين أطراف الإنتاج «العامل وَصاحب العمل»، وستكون العلاقة أكثر وضوحاً من السابق، والمهم في هذه الخطوة هو التركيز على طبيعة سوق العمل بالمملكة، وأن تكون هناك متابعة مستمرة لأي تعديلات قد ينتج منها أثر غير متوقع في سوق العمل حتى يتم تصحيح المسار.
@Khaled_Bn_Moh