منذ بداية الألفية الثالثة سعت دولنا الخليجية نحو الإصلاح وذلك بعد توافق على استكمال سوق موحدة وخطط للتكامل الخليجي ورؤى التكتل الاقتصادي التي سرعان ما بردت مع الوقت على أثر فشل أكبر تكتل اقتصادي وهو الاتحاد الأوروبي وتفككه من جهة، والمضي في استراتيجيات تنمية أحادية الجانب بها قدر من التنافسية لا تنسجم في هذا الوقت مع فكرة التكتل، لذا، أخذت عمليات الإصلاح مساعيها في التركيز على تكملة النواقص والنهوض بالاقتصاد،
ومن هنا كانت خطط التنمية الاقتصادية التي مهدت للرؤية المستقبلية ونهضتها في كل بلد وسبب في نجاح كل بلد في أي مشروع مهما كان حجمه، ولكنهم لديهم هدف واحد من وراء الرؤية وهو الوصول إلى رفاهية الشعب، بالتركيز على مشاريع البنى التحتية وإعادة البناء وإصلاح الأسواق المحلية والأساسيات والخدمات عن طريق المشاريع والمبادرات.
ولعلنا نتفق أن أكثر الرؤى المستقبلية الخليجية نجاحا، إذ ساهمت في تغيير جذري وعميق وتفوق محسوب كانت الرؤية السعودية 2030 بكل ما جاءت به من مبادرات ومشاريع وخطط وبرامج، شمل التنوع ليس الكمي فحسب، بل إن المرأة كانت قطبا رديفا في النجاح، بعد أن كانت تخضع لضوابط مجتمعية تحد من إنتاجيتها وخروجها للعمل، باتت اليوم تساهم في التغير الذي نجح بالفعل في تحقيق دوافعه للمضي نحو اكتمال رؤيتها المستقبلية وفق المعايير المطلوبة وكان هذا الأمر بحد ذاته قد أوجد الفارق في التغيير والتنوع، كما ساهمت الرؤية في خلق أسواق وقطاعات لم تكن موجودة في السوق السعودي من الأساس كالترفيه والسياحة والضيافة، وتطوير قطاعات والاستثمار في أخرى، كالقطاع المالي والتأمين.
ومن الأمور التي تثير الإعجاب بالفعل ضبط سوق العمل وفق معايير وتشريعات وتوطين وظائف وفق برامج مكثفة، في حين كانت تتميزت سوق العمل بفوضى بسبب كثرة العمالة الوافدة غير النظامية التي تسببت في خلل كبير ورفع نسبة البطالة، وهذا النجاح في خفض نسبة البطالة بأكثر من 7% خلال العام الماضي يعتبر إنجاز بكل ما احتواه من مهام وتشريعات وتنفيذ اتفاقيات وتوطين ومعايير وتدريب واستثمارات.
ولكن المختلف في هذه الرؤية ليس فقط ما ذكرته، بل ما لفت انتباهي هو برنامج يسمى «جودة الحياة» أحد أهم برامج رؤية المملكة 2030، إذ كيف يتحول الهدف من الرؤية الى برنامج مفّعل يتم تنفيذه منذ انطلاقته في 2018، احتوى البرنامج على 120 مبادرة تستهدف الأطفال والشباب والأسرة في قطاعات الثقافة والرياضة والسياحة والترفيه، وبالفعل هذه القطاعات بالذات أكثر القطاعات نشاطا وتفوقا واختلافاً، وحين نريد أن نحسب النجاح فيمكننا أن نرى ذلك من خلال خلق ولاء وانتماء وقومية وطنية كبيرة يمكن مشاهدته بسهولة في مواقع التواصل وفي كل محفل، وهذا بالضبط دليل نجاح الهدف حتى وإن كان هناك بقية لاكتمال الرؤية، وهذا ما يسمى «financial wellness strategies» الترفيه أو التعافي المالي، الذي يخلق بيئة عمل آمنة يستقر على اثرها العامل لدرجة أنه يرتبط بعمله ارتباط وثيق، وهو الهدف الذي يركز عليه أصحاب المصانع والأعمال الناجحة، ولكن الاختلاف في الرؤية بأن المواطنين بكل ولاءهم وفخرهم بسبب معدل الرفاهية التي وصلوا إليه، فإنهم يصنعون المجد والحضارة لأوطانهم ليردوا إليها الفضل والجميل وهذا ما يحصل.
@hana_maki00