مع استعرض مسيرة حياتي خلال السبعة العقود الماضية، أجد أن نجاحي تحقق بقدر استثماري للوقت، اقتحمت بواسطته قلاع التحديات، سيطرت عليها بنجاح. استطعت تسجيل بعضها مبكرا في كتاب أصدرته قبل بلوغي مرحلة الشيخوخة، جاء بعنوان: «إرادة التحدي»، أنصح بقراءته. أخص بالذكر الطلاب، وأصحاب الدراسات العليا، أتمنى أن يكون في مكتبة كل مدرسة، وبيت. كتاب يعلم استثمار الوقت، والفراسة وأهميتها وتوظيفها.
نحن صنيعة خبرة، وتجارب، وعلم بعضنا البعض. تجربتي ثرية ومحفزة. سجلت بعضها منفعة لصالح الأجيال في مراحل الدراسة والتحصيل العلمي، والحياة بشكل عام.
التفكير في استثمار الوقت كمنهج حياة ضرورة لكل فرد. الوقت تحدي حقيقي يواجه البشرية، من ينافس على استثمار الوقت سيحقق نجاح التحليق مع النجوم قوة وتقدم، هيبة وحضارة.
ننجح في استثمار الوقت مع أهدافنا الواضحة، نحقق بالوقت تطلعاتنا، وطموحاتنا، نصل لأمالنا بتطبيق عوامل تحقيقها بناء على عامل الزمن. لكي ننجح في انجاز هدفنا، لابد أولا أن نفهم ونعي التعريف «العملي» للهدف. إذا لم يتحقق فهم هذا التعريف فلن يتحقق الهدف. وبعد.. الهدف هو الغاية النهائية التي توجه إليها جهودنا.
لاحظوا: «توجه إليها جهودنا». هذه الكلمات الثلاث تحمل «السر العملي» لتحقيق أهدافنا. هنا «مربط الفرس» كما تقول العرب. وجدت هذه الجهود أشبه بمثلث قاعدته بداية الانطلاقة إلى نقطة قمته نحو الهدف، الجهود تبدأ واسعة، ثم تضيق مع اتجاهها إلى أعلى، حذار من تشتتها.
الجهود قوة دافعة في اتجاه واحد نحو رأس المثلث، تتجمع ثمارها وتوظف لبلوغ الغاية، في حال تبعثرت الجهود فإنها ستخرج خارج أضلاع هذا المثلث تائه بعيدة عن الهدف. ينتظر وصولها ولا تصل، هنا يتجلى ضياع الوقت وتبديده.
لا يتحقق الهدف دون مثابرة، وبذل إمكانيات وجهود مركزة نحوه. على صاحب الهدف إدارة جهوده وتجميعها لتلتقي في خط سير واحد نحو هدفه، تعاظم الجهود تمثل ملحمة نجاح بلوغ الهدف، مهم أن نوجه ونقود جميع جهودنا وإمكانياتنا لتحقيقه. في ليلنا ونهارنا، حتى مع أكلنا وشربنا وراحتنا، استثمار الوقت المحدود أمامنا أهم عامل لنجاح تحقيق الهدف، إن تعذر فلن يحقق الفرد هدفه. هذا يعني أن الزمن يتبدد وتضيع مصالحنا البشرية مع ضياعه.
حتى ننجح في تحقيق هدفنا، يجب أن يظل دائم الحضور، ماثل أمامنا في كل الأوقات. غير هذا سيضيع الهدف وقد يتم فقده إلى الأبد. نفقد أهدافنا العظيمة بسبب تبعثر جهودنا، تسرقها أهدافنا الهامشية المتواضعة والطارئة الأخرى.
جهودنا الشخصية هي كل سلاحنا، جيشنا هو تعدد امكانياتنا التي نسخرها لخدمة تحقيق الهدف. يصبح الفرد قائدا لهذه الجهود وهذه الإمكانيات، حتى ننجح يجب أن نحدد أولوياتنا من بين أهدافنا المتعددة، لنبدأ بالأهم قبل المهم، هذا هو التخطيط الذي يقود لنجاح تحقيق الأهداف.
لنتذكر أن الوقت سلاح الفرد، خاصة الطالب، وكان الوقت سلاحي طالبا، عندما استثمرته تحقق نجاحي وبتميز، أمامنا «24» ساعة، كم يستثمر منها الطالب لخدمة هدفه الدراسي؟ رأس مال الطالب هو الوقت، كم يستقطع من هذه الساعات المحدودة للدراسة؟ المجد أن ينافس الطالب على الثانية وليس الساعة، ويستمر الحديث.
@DrAlghamdiMH