يصادف العام المقبل مرور عشر سنوات على اتخاذ أرامكو السعودية قرارها الإستراتيجي بتعزيز مشاركتها في وضع المقاييس العالمية في مجال هندسة النفط والغاز. وهو قرار هدفت الشركة من خلاله للإسهام في جعل الشركات الكبرى والصغرى في القطاع أكثر كفاءة وموثوقية وأمانًا، فضلًا عن المشاركة الفاعلة في تبسيط التحول في قطاع الطاقة.
ومنذ أن اتخذت الشركة قرارها في يوليو من عام 2015 بتكثيف جهودها الرامية لتحسين توافقها مع قطاع النفط والغاز على مستوى العالم وحتى الآن، يعمل أكثر من 120 خبيرًا من خبراء الشركة في مراكز قيادية ويشاركون في نحو 35 لجنة دولية مهتمة بوضع المقاييس، بما في ذلك: منظمة (آيزو)، والرابطة الدولية لمنتجي النفط والغاز، والجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين، وجمعية حماية المواد والأداء. كما يسهم خبراؤنا في قيادة 15 لجنة فنية إقليمية، مما يساعدنا في مشاركة خبراتنا ومعارفنا بما يعود بالنفع على الجهات المحلية الناشئة.
تحقيق الاتساق وخفض التكاليف
تُسهم المقاييس في ضمان أن سلسلة التوريد تتبع منهجية متسقة رأسيًا وأفقيًا. كما أنها تفتح المجال أمام الموردين للإسهام في إيجاد التكلفة الاقتصادية المناسبة، وتقليل حاجتهم إلى مخزونات ضخمة، والتقليل من هدر وقت التوريد، وتسهيل عمليات التنفيذ، مما يساعد على إنجاز المشاريع في فترة زمنية أقل.
ولأن كل ذلك يستدعى ضرورة وضع مقاييس موحدة، سارعت الرابطة الدولية لمنتجي النفط والغاز في عام 2016 إلى تدشين برنامج التعاون الصناعي المشترك للإسهام في وضع مقاييس للمشتريات، ومنذ ذلك الحين، أصبحت أرامكو السعودية عضوًا فاعلًا في هذا البرنامج الذي أحرز تقدمًا مبهرًا، ونتج عنه نشر أكثر من 55 مواصفة للمشتريات حتى الآن، أسهمت أرامكو السعودية في نشر أكثر من 30 مواصفة منها. وتشمل هذه المواصفات الأجزاء الحيوية مرتفعة التكاليف من ضواغط الهواء، وأنظمة حرق الغاز في الشعلات، ومعدات القطع الكهربائي عالية الجهد، والمبادلات الحرارية المبردة هوائيًا.
ومن بين الإنجازات المهمة التي حققناها، نشر مقاييس أنابيب الغاز اللا معدنية المُعزَزة باللدائن الحرارية متعددة الطبقات. وأنجزنا ذلك مستندين على خبراتنا المتراكمة لتنفيذ المتطلبات الهندسية، كما قمنا بدورٍ فاعل في إعداد المدونة النهائية لاستخدام هذه الأنابيب، ونُشرت عام 2022 باسم مدونة الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين، وكانت نتيجتها انخفاض معدل تآكل خطوط الأنابيب، وبالتالي انخفاض معدلات التسرب ومعدلات تعطّل أعمال الإنتاج.
وقد ترتب على وضع مقياس للأنابيب اللامعدنية بما في ذلك أنظمة نقل الغاز عوائد اقتصادية كبيرة لأرامكو السعودية. ففي عام 2023 وبعد عمليات حسابية وجدنا أن المعدات القياسية اللامعدنية حققت وفورات في تكلفة دورة حياتها بنحو 600 مليون دولار أمريكي، ليرتفع إجمالي الوفورات التراكمية إلى 4.1 مليار دولار أمريكي منذ بداية تطبيق الأنابيب اللامعدنية في 2016 حتى الآن.
هذه المنافع متعارف عليها على مستوى القطاع، فمنذ تأسيس برنامج "التعاون الصناعي المشترك 33"، بدعم من مبادرة المنتدى الاقتصادي العالمي لتبسيط إجراءات المشاريع الرأسمالية، انخفض بشكل كبير متوسط تجاوز التكاليف المقدّرة لمشاريع المشتريات للعديد من السلع عالية الإنفاق في مختلف أنحاء القطاع، وذلك بفضل المقاييس التي أسهم البرنامج في تطويرها.
وفي سعيها لتحقيق الابتكار والتقدم التقني، اعتمدت أرامكو السعودية أكثر من 100 تقنية مجربة ضمن 83 معيار، ويسمح هذا الالتزام الراسخ من قبل الشركة للمشاريع الجديدة بالاستفادة من أحدث الابتكارات، وتحسين الكفاءة التشغيلية والفعالية من حيث التكلفة، ويعزز ريادتنا في مجال الصناعة.
ويحظى توحيد المقاييس وما يحققه من كفاءة، بأهمية خاصة في سعينا لتحقيق طموحنا بالوصول إلى الحياد الصفري. فعلى سبيل المثال، من المقرر أن يؤدي الهيدروجين دورًا كبيرًا في عمليات تقليل انبعاث الكربون، ولكن تركيبته الجزيئية تحتاج إلى معاملة خاصة أثناء نقله. وهو أصغر عنصر كيميائي مما يسمح له باختراق الأنابيب الفولاذية بسهولة من خلال تصدعاتها ولحاماتها أو وصلاتها التالفة.
ولتقليل مخاطر الخسارة وتحسين السلامة والتعجيل باستخدام الطاقة الهيدروجينية، أسّسنا فريق عمل متعدد التخصصات لوضع مقاييس مشتركة لتصميم وإنشاء وصيانة خطوط أنابيب الهيدروجين. وقد تبنّت أرامكو السعودية فعليًا أكثر من 200 مقياس مرتبط بالهيدروجين وتقليل انبعاثات الكربون والاقتصاد الدائري، مما يساعدنا في المضي نحو تحقيق طموحنا بالوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2050.
تحديد المعايير داخليًا
حققت أرامكو السعودية حتى اليوم رقمًا قياسيًا تاريخيًا بنسبة 93%، إذ تعتبر الأفضل من حيث المطابقة لمقاييس القطاع والمقاييس الدولية، متجاوزة بذلك النسبة العالمية المثلى للمطابقة التي تبلغ 90%. ولا يعني ذلك أننا لا نضع متطلبات داخلية خاصة بنا. فقد شكلت أكثر من 70 لجنة للمقاييس ما يزيد على 5000 مقياس للشركة، منها أكثر من 2400 وثيقة هندسية إلزامية.
ومن المهم الإشارة إلى أن جهود أرامكو السعودية في مجال المقاييس لا تقتصر على استحداث مقاييس جديدة. فالشركة تراجع باستمرار المقاييس الحالية للتأكد من تحديثها باستمرار وتظل مواكبة للمشاريع المستقبلية. هذا بالإضافة إلى أن خطط تنفيذ المشاريع في الشركة تضع في الاعتبار على أساس سنوي احتياجات مجموع استثماراتها في السنوات العشر القادمة لتحديد المقاييس التي تتطلب تنقيحًا أو تطوير مقاييس جديدة. ويتبين حجم هذه المهمة من مقدار وفورات التكاليف المحتملة التي بلغت 15 مليار دولار أمريكي والتي أمكن تجنبها بعد استعدادنا لها بشكل أفضل وترشيد التكاليف.
نحن فخورون بالإسهامات التي نقدمها في مجال المقاييس، ومدينون بالكثير من هذا النجاح لخبرائنا المميزين، وهي إسهامات بقدر ما نستفيد منها في أرامكو السعودية، تُحدث في الوقت ذاته أثرًا يتجاوز حدود أعمالنا. كما تعني في الوقت الراهن أن العديد من الموردين أصبحوا مؤهلين بشكل أفضل للعمل في قطاعنا، وأن جهود تقليل انبعاثات الكربون ستكون أكثر كفاءة، وأن الكثير من التكاليف سيتم توفيرها، ومخاطر عديدة سيتم الحد منها.
ومنذ أن اتخذت الشركة قرارها في يوليو من عام 2015 بتكثيف جهودها الرامية لتحسين توافقها مع قطاع النفط والغاز على مستوى العالم وحتى الآن، يعمل أكثر من 120 خبيرًا من خبراء الشركة في مراكز قيادية ويشاركون في نحو 35 لجنة دولية مهتمة بوضع المقاييس، بما في ذلك: منظمة (آيزو)، والرابطة الدولية لمنتجي النفط والغاز، والجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين، وجمعية حماية المواد والأداء. كما يسهم خبراؤنا في قيادة 15 لجنة فنية إقليمية، مما يساعدنا في مشاركة خبراتنا ومعارفنا بما يعود بالنفع على الجهات المحلية الناشئة.
تحقيق الاتساق وخفض التكاليف
تُسهم المقاييس في ضمان أن سلسلة التوريد تتبع منهجية متسقة رأسيًا وأفقيًا. كما أنها تفتح المجال أمام الموردين للإسهام في إيجاد التكلفة الاقتصادية المناسبة، وتقليل حاجتهم إلى مخزونات ضخمة، والتقليل من هدر وقت التوريد، وتسهيل عمليات التنفيذ، مما يساعد على إنجاز المشاريع في فترة زمنية أقل.
ولأن كل ذلك يستدعى ضرورة وضع مقاييس موحدة، سارعت الرابطة الدولية لمنتجي النفط والغاز في عام 2016 إلى تدشين برنامج التعاون الصناعي المشترك للإسهام في وضع مقاييس للمشتريات، ومنذ ذلك الحين، أصبحت أرامكو السعودية عضوًا فاعلًا في هذا البرنامج الذي أحرز تقدمًا مبهرًا، ونتج عنه نشر أكثر من 55 مواصفة للمشتريات حتى الآن، أسهمت أرامكو السعودية في نشر أكثر من 30 مواصفة منها. وتشمل هذه المواصفات الأجزاء الحيوية مرتفعة التكاليف من ضواغط الهواء، وأنظمة حرق الغاز في الشعلات، ومعدات القطع الكهربائي عالية الجهد، والمبادلات الحرارية المبردة هوائيًا.
ومن بين الإنجازات المهمة التي حققناها، نشر مقاييس أنابيب الغاز اللا معدنية المُعزَزة باللدائن الحرارية متعددة الطبقات. وأنجزنا ذلك مستندين على خبراتنا المتراكمة لتنفيذ المتطلبات الهندسية، كما قمنا بدورٍ فاعل في إعداد المدونة النهائية لاستخدام هذه الأنابيب، ونُشرت عام 2022 باسم مدونة الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين، وكانت نتيجتها انخفاض معدل تآكل خطوط الأنابيب، وبالتالي انخفاض معدلات التسرب ومعدلات تعطّل أعمال الإنتاج.
وقد ترتب على وضع مقياس للأنابيب اللامعدنية بما في ذلك أنظمة نقل الغاز عوائد اقتصادية كبيرة لأرامكو السعودية. ففي عام 2023 وبعد عمليات حسابية وجدنا أن المعدات القياسية اللامعدنية حققت وفورات في تكلفة دورة حياتها بنحو 600 مليون دولار أمريكي، ليرتفع إجمالي الوفورات التراكمية إلى 4.1 مليار دولار أمريكي منذ بداية تطبيق الأنابيب اللامعدنية في 2016 حتى الآن.
هذه المنافع متعارف عليها على مستوى القطاع، فمنذ تأسيس برنامج "التعاون الصناعي المشترك 33"، بدعم من مبادرة المنتدى الاقتصادي العالمي لتبسيط إجراءات المشاريع الرأسمالية، انخفض بشكل كبير متوسط تجاوز التكاليف المقدّرة لمشاريع المشتريات للعديد من السلع عالية الإنفاق في مختلف أنحاء القطاع، وذلك بفضل المقاييس التي أسهم البرنامج في تطويرها.
وفي سعيها لتحقيق الابتكار والتقدم التقني، اعتمدت أرامكو السعودية أكثر من 100 تقنية مجربة ضمن 83 معيار، ويسمح هذا الالتزام الراسخ من قبل الشركة للمشاريع الجديدة بالاستفادة من أحدث الابتكارات، وتحسين الكفاءة التشغيلية والفعالية من حيث التكلفة، ويعزز ريادتنا في مجال الصناعة.
ويحظى توحيد المقاييس وما يحققه من كفاءة، بأهمية خاصة في سعينا لتحقيق طموحنا بالوصول إلى الحياد الصفري. فعلى سبيل المثال، من المقرر أن يؤدي الهيدروجين دورًا كبيرًا في عمليات تقليل انبعاث الكربون، ولكن تركيبته الجزيئية تحتاج إلى معاملة خاصة أثناء نقله. وهو أصغر عنصر كيميائي مما يسمح له باختراق الأنابيب الفولاذية بسهولة من خلال تصدعاتها ولحاماتها أو وصلاتها التالفة.
ولتقليل مخاطر الخسارة وتحسين السلامة والتعجيل باستخدام الطاقة الهيدروجينية، أسّسنا فريق عمل متعدد التخصصات لوضع مقاييس مشتركة لتصميم وإنشاء وصيانة خطوط أنابيب الهيدروجين. وقد تبنّت أرامكو السعودية فعليًا أكثر من 200 مقياس مرتبط بالهيدروجين وتقليل انبعاثات الكربون والاقتصاد الدائري، مما يساعدنا في المضي نحو تحقيق طموحنا بالوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2050.
تحديد المعايير داخليًا
حققت أرامكو السعودية حتى اليوم رقمًا قياسيًا تاريخيًا بنسبة 93%، إذ تعتبر الأفضل من حيث المطابقة لمقاييس القطاع والمقاييس الدولية، متجاوزة بذلك النسبة العالمية المثلى للمطابقة التي تبلغ 90%. ولا يعني ذلك أننا لا نضع متطلبات داخلية خاصة بنا. فقد شكلت أكثر من 70 لجنة للمقاييس ما يزيد على 5000 مقياس للشركة، منها أكثر من 2400 وثيقة هندسية إلزامية.
ومن المهم الإشارة إلى أن جهود أرامكو السعودية في مجال المقاييس لا تقتصر على استحداث مقاييس جديدة. فالشركة تراجع باستمرار المقاييس الحالية للتأكد من تحديثها باستمرار وتظل مواكبة للمشاريع المستقبلية. هذا بالإضافة إلى أن خطط تنفيذ المشاريع في الشركة تضع في الاعتبار على أساس سنوي احتياجات مجموع استثماراتها في السنوات العشر القادمة لتحديد المقاييس التي تتطلب تنقيحًا أو تطوير مقاييس جديدة. ويتبين حجم هذه المهمة من مقدار وفورات التكاليف المحتملة التي بلغت 15 مليار دولار أمريكي والتي أمكن تجنبها بعد استعدادنا لها بشكل أفضل وترشيد التكاليف.
نحن فخورون بالإسهامات التي نقدمها في مجال المقاييس، ومدينون بالكثير من هذا النجاح لخبرائنا المميزين، وهي إسهامات بقدر ما نستفيد منها في أرامكو السعودية، تُحدث في الوقت ذاته أثرًا يتجاوز حدود أعمالنا. كما تعني في الوقت الراهن أن العديد من الموردين أصبحوا مؤهلين بشكل أفضل للعمل في قطاعنا، وأن جهود تقليل انبعاثات الكربون ستكون أكثر كفاءة، وأن الكثير من التكاليف سيتم توفيرها، ومخاطر عديدة سيتم الحد منها.
-نائب الرئيس للهندسة وكبير المهندسين في أرامكو السعودية-.