عبدالله صايل


خرج فيلم «حياة الماعز»، وذاع صيته! هل سنبقى دون رد؟ أم هل سنبقى عند تفاعل السوشال السطحي، والذي يتبنى في أحيان كثيرة الشخصنة واللغة العاطفية التي لا تقدم ولا تؤخر في مثل هذه الأوضاع، سأوجز اليوم تحليلا يرتبط بهذا العمل السينمائي الذي حقق أهدافه التجارية دون شك، وعلينا أن نرفع إحساسنا بالخطر، لأن هذا النجاح قد يدفع الآخرين للخروج بقصص و «حكايات» مشابهة، سواء عن الجالية الهندية أو غيرها من الجاليات.
أولا: الفيلم يا سادة يا كرام مرتبط بفترة «غزو وتحرير الكويت» وهي الفترة الواقعة بين أغسطس 1990م وفبراير 1991م، إذاً نحن نتحدث عن 33 عاما مضت، لم يكن خلالها جانب استقدام العمالة الوافدة في أحسن حالاته، كما لم يكن التقنين لضبط إجراءات وصول الوافدين في أوج عافيته، بل كانت الأخطاء تقع هنا وهناك، وقد يتجرأ فعلا ضعاف النفوس باستقبال عامل لا يخصهم والانتقال به إلى مكان عمل لم يأت العامل أساسا لخدمته، وإن كانت نسبة حدوث هذا ضئيلة، لكنها كانت تحدث. واليوم، وبفضل جهود المملكة وتطويرها للعمليات الرقمية في كل ما يخص الوافدين، نجحنا في القضاء -تماما- على مثل هذه التحديات.
ثانيا: جاء على لسان «نجيب»، الشخصية المحورية في الفيلم، أن تعليمه توقف عند الصف الخامس، وأنه يستغرب كيف لمثله أن يحصل على وظيفة في «الشرق الأوسط»؟ ليأتي الرد موضحا حجم الفساد في منظومة العمل الهندية بالتالي: أحد الأقارب في قرية نجيب على علاقة جيدة بسمسار هندي متخصص في تجارة بشر، وسيدبر هذا السمسار الفاسد عقد عمل لنجيب عبر دفع مبالغ مالية بشكل غير نظامي لجهات معينة في الهند وأشخاص نافذين، ومن هنا بدأت المأساة، التي لم تبدأ أساسا في مكان غير الهند! بل وتدفعنا للسؤال: كم شخصا مثل نجيب جاء بوثائق تعليم مزورة؟ وجاء بوثائق خبرة مصنوعة في مكاتب الظلام؟ وجاء بتزكيات صنعها أمهر مزوري تجارة البشر؟
ثالثا: الرد على مثل هذه الأفلام التي تحاول الرقص على الوتر «التعاطفي»، لا يكون بالنواح والسباب والشتم في منصات السوشال! بل يكون كالتالي: تقديم أفلام «وثائقية» تتحدث عن نجاح الجالية الهندية وغيرها من الجاليات في المملكة ومنطقة الخليج العربي بوجه عام، وعلينا أن نقدم للعالم وثائقيات تسرد قصص نجاح توضح كيف يعيش الطبيب الهندي فلان في فيلا فاخرة في مجمع سكني مرموق بشمال الرياض، وكيف يعمل في عيادته التي تحفل بأحدث التقنيات الطبية، كما يجب أن نعمل على وثائقيات تحكي للعالم كيف تحول الوافد الهندي فلان من سائق تاكسي مكافح ثم موظف في مؤسسة بسيطة في دول الخليج، إلى مالك سلسة محلات أزياء وأثاث وكماليات تقدر قيمتها اليوم بأكثر من 8 مليار دولار!
رابعا وأخيرا لهذا المقال أكتب: العمل على تقوية الآلة الدرامية والسينمائية على وجه الخصوص أصبح مطلبا يتجدد، وكنا ننادي به قبل 20 عاما وأكثر عبر ما نكتب في الصحف، وأرانا نجدد المطالبة اليوم، وعلينا أن نستبق وألا ننتظر لحين ظهور فيلم «حياة الناقة» أو «حياة الجربوع»، فلدينا في موروثنا وثقافتنا ما يملأ آلاف الكتب بقصص عن الشهامة، المروءة، الكرم، الشجاعة، الصبر، الحكمة، الفراسة.. وغير ذلك من القيم النبيلة والمهارات الإنسانية الفذة، والتي ينتظرها العالم بأسرة، وسيحتفل بها، ويربطها بمجتمعنا العربي في مشوار العالم نحو تشكيل وعي ثقافي عن هذه البقعة الثمينة من الأرض.