هناء مكي


هناك صفقات وفرص تفتح أبواب الحظ والثراء لأصحابها، وصفقات تجلب الدمار وحتى الموت لأصحابها، ولعل مايكل بينش الملياردير الانجليزي مثال لذلك.
فبعد أن احتفت الصحافة الإنجليزية بانتصاره في القضية المدنية بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان الرجل قد قضى تسع أشهر تحت الإقامة الجبرية هناك، لم يتخلى عنه الإعلام الإنجليزي وظل واقفاً معه ويناصره، ويسميه «ببيل غتيس بريطانيا»، وقطب التكنولوجيا البريطاني العملاق، والشخص الأكثر نفوذاً في تكنولوجيا المعلومات بالمملكة المتحدة، لقى هذا الرجل حفاوة إعلامية أكبر من حجم إنجازاته.
بعض الصحف وجدت لقب «بيل غتيس بريطانيا» مبالغ فيه «فهو لم يصل لما وصل له غيتس ولكن يمكن الاعتراف بإن الرجل ساهم بتطوير التكنولوجيا في مجال التعلم الآلي»ML» والذكاء الاصطناعي «AI»، ونجح في تحويل هذه التكنولوجيا إلى منتج تجاري، وهي الخطوة الاستباقية لتي لم يتخذها من قبل أي عالم بريطاني».. وبذلك تكون له الريادة صحيح في هذا النجاح ولكن ليس بالابتكار، لذا، خُدعت شركة الحواسيب الأمريكية العملاقة «هيوليت باكارد» المعروفة باختصار «HP» حين عقدت صفقة كلفتها خسائر تقدر بالمليارات، بعد عملية الاستحواذ على شركة الرجل الإنجليزي ذائع الصيت «أوتونومي» وعلى أثرها أسماه الإعلام البريطاني بالعبقري.
ولكن في 2012 أدركت الشركة خطأها، وأنه تم خداعها والاحتيال عليها بسبب «مخالفات محاسبية خطيرة وفشل في الإفصاح وتصريحات خاطئة» فقد تم دفع مبالغ زائدة لشركة أوتونومي من خلال تضخيم قيمتها بشكل احتيالي، اضطرت على إثرها لتخفيض الاصول بمقدار 8.8 مليار دولار، ما يعني خسارة كبيرة، فما كان منها إلا أن رفعت عليه قضية «بتهمة الاحتيال الإلكتروني والاحتيال في الأوراق المالية والتآمر» في 2018 بمكتب مكافحة الاحتيال بلندن والتي وجدته غير مذنب، وأعادت الشركة مقاضاته في الولايات المتحدة في 2019، واستمرت القضية ثلاث سنوات واشتدت في 2023 ولكن الشركة خسرتها بالكامل، فـ «القانون لا يحمي المغفلين»، أجل هو غير مسؤول عن غفلة الشركة وعدم تقصيها وتقييمها ودراستها للصفقة.
والغريب أنه في اليوم الذي ذهب الرجل المحظوظ مع محاميه وبعض الشخصيات المقربة منه، للاحتفال بفوزه بعد الإنتهاء من أكبر أزمة تمر به، فلقي حتفه، والأغرب أن يلقي محاميه الذي كان السبب الرئيسي في براءته حتفه معه، والأكثر غرابة أن نائبه السابق للشؤون المالية ستيفن تشامبرلين المتهم الرئيسي معه في قضية الاحتيال وكان أحد المسؤولين الثلاثة المشرفين على الصفقة، لقي حتفه بعد ساعات من خبر غرق يخت بينش بجزيرة صقلية، في حادث اصطدام مميت بالقرب من منزله، أما الثالث تم إثبات التهم عليه بالحبس والتعويض لينجوا من الموت، في أحداث تشبه الأفلام.
ولكن ومع غرابة الاحداث منذ بداية صفقة الاستحواذ إلى النهاية المأساوية، هناك سؤال هام هو: كيف خُدعت شركة بهذا الحجم بهذه السذاجة؟ هنا ننتبه إلى المحتوى الترويجي والتسويقي يكون له جانب مخادع.
@hana_maki00