قبل فترة سألت طلابي في الجامعة، ثم سألت طالباتي: من منكم بلا مشاكل؟
لم يرد أحد، إلا طالب واحد ذكر أنه لا يعاني من أي مشكلة ولله الحمد، وبعد المراجعة تبين أن لديه مشاكل ولكنه كان يتجاهلها.
إذا كان الطالب الجامعي الذي في بداية حياته لم يخلو من وجود مشكلة في حياته، فكيف بمن هو أكبر سناً وأكثر مسؤوليات؟!
وأيضاً عندما أقدم بالطائرة على مدينة وأرى البيوت من الأعلى، أقول: يا الله كم في كل بيت من هذه البيوت من آلام وآمال وطموحات وعقبات، وكل يرى أن مشكلته هي المشكلة الوحيدة في العالم.
وجود المشكلات في الحياة، هو طبيعة هذه الحياة القصيرة، إن لم تخرج من مشكلة، فأنت الآن في مشكلة، وإلا فهي قادمة، لأن الله جل جلاله خلق الإنسان في كبد، وقد قال أبو الحسن التهامي عن هذه الحياة:
طُبعَت على كدرٍ وأنت تريدُها صفوًا من الأقذاءِ والأكدارِ
ومكلّف الأيَّامٍ ضدَّ طباعها متطلّبٌ في الماءِ جذوة نارِ
ولكن الفرق بين الأقوياء والضعفاء، أن القوي يتعامل مع مشاكله بواقعية وعقلانية، سواء بالتجفيف والسعي لإنهائها من أصلها، أو بالتخفيف وتحجيم آثارها، أو بالتكيف والتعامل معها كجزء من حياته،وبذلك يعيش في هذه الحياة بأمن وطمأنينة، والحمد لله على نعمة الإسلام، بل إن القوي يعلم أنه كلما زاد طموحاته زادت مشاكله، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
عندما يترك الطالب دراسته الجامعية لمشكلة عرضت له فلا يمكن أن يكون شجاعاً وبالتالي من الصعوبة أن يكون ناجحاً، وعندما يختار الزوج أو الزوجة حل الطلاق كأول الحلول عند التعرض لمشكلة، وقد يبحثان عن المفتي بعد ذلك فلا يمكن أن يكون هذا من الشجاعة، وعندما يغلق التاجر مشروعه مع أول مشاكل يتعرض لها، فهذا يحتاج إلى إعادة نظر في مسار حياته، ومثله لا يمكن أن يكون تاجراً، وعندما يظن البعض أن حياته توقفت بفقد حبيب فسيتعب كثيراً وقد يجلب لنفسه الأمراض والمصائب، والحياة تسير به وبغيره.
عندما تقرأ سير العظماء تجد أنهم واجهوا الكثير من المشاكل في حياتهم، ولكن فرقهم عن غيرهم أنهم تجاوزوها بينما الضعفاء وقعوا في شباكها.
@shlash2020