اليوم: نورهان محمود

وفقًا لتوقعات مؤتمر "الأونكتاد" التابع للأمم المتحدة فإن النمو الاقتصادي العالمي سيتراجع إلى 2.6% في عام 2024 وهو ما يزيد قليلا على عتبة 2.5% التي ترتبط عادة بالركود، ومن المتوقع أن يستمر التضخم في التباطؤ على الرغم من أن ضغوط الأسعار في العديد من البلدان سوف تستغرق وقتا أطول للتراجع مقارنة بالفترة التي استغرقتها للظهور والتأثير على مدخولات وإنفاق الأفراد.

توقعات النمو العالمي في 2024

تشير التوقعات الأخيرة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أيضًا إلى أن النمو الاقتصادي العالمي سوف يتباطأ إلى 2.7% في عام 2024 وهو أدنى معدل سنوي منذ الأزمة المالية العالمية.
ويعكس هذا الأداء المنخفض للنمو تأثير الظروف المالية الصعبة وضعف نمو التجارة وانخفاض ثقة الشركات والمستهلكين.
اقرأ ايضاً: الدين الأمريكي يقفز إلى 35 تريليون دولار مهدداً الاقتصاد العالمي
وعلى الرغم من التحسن الذي طرأ على العديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية الرئيسية في أغلب البلدان المتقدمة فإن خطر الركود لا يزال قائما فبعد سلسلة سريعة من الزيادات في أسعار الفائدة لترويض التضخم أوقفت البنوك المركزية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو رفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي نظرا لانخفاض مؤشرات أسعار المستهلك على مستوى كل منهم عن ذروتها في عام 2022.

مخاوف البنوك المركزية

ويظل محافظو البنوك المركزية حذرين وقد يبقون أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية لبعض الوقت.
ويستمر تأثير أسعار الفائدة المرتفعة وعدم اليقين بشأن المدة التي ستستمر فيها في التأثير على الاقتصاد العالمي.
اقرأ أيضاً: وزير المالية: الاقتصاد العالمي لا يزال أقل من مستوياته المأمولة
وتعتبر أسعار الفائدة المرتفعة بمثابة أخبار سيئة للنمو الاقتصادي فهي تؤثر سلبًا على الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي.
وتضيف الأونكتاد أيضًا أن التركيز السائد على التضخم يطغى على قضايا ملحة مثل الاضطرابات التجارية وتغير المناخ وتزايد التفاوت في الدخل.

شبح الركود يهدد العالم

في ظل الظروف الاقتصادية الكلية الحالية، إذا ما بدأ الركود فلن يكون من السهل الخروج منه بسرعة وسوف يضع الركود الحكومات في موقف بالغ الصعوبة، حيث سيكون عليها أن تختار بين ارتفاع معدلات التضخم أو اقتصاد قوي. وعلى هذا فإن الاهتمام يتجه بشكل متزايد نحو الاتجاهات الركودية في الاقتصاد العالمي التي تزداد قوة تدريجيا.

بيانات اقتصادية مقلقة

وتشير تقارير الوظائف في الولايات المتحدة إلى أن ضعف سوق العمل خلال العام ونصف العام الماضيين أثار مخاوف من أن أكبر اقتصاد في العالم يتجه نحو الركود.
وتراجعت أسواق الأسهم الأمريكية وامتد الخوف إلى بلدان أخرى حيث شهدت سوق طوكيو أكبر هبوط لها منذ انهيار سوق الأسهم في عام 1987 قبل أن تتعافى.
ومع تحول الإجماع نحو "الهبوط الهادئ" في الولايات المتحدة تظل المخاطر قائمة في مختلف أنحاء الاقتصاد العالمي والواقع أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي مطمئنون إلى أن الاقتصاد لا يتجه نحو الركود.
وسعت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين يوم السبت إلى طمأنة الرأي العام بأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال قويا على الرغم من سلسلة من تقارير الوظائف الضعيفة التي هزت المستثمرين وأثقلت كاهل سوق الأسهم.
وقالت يلين: "نشهد انخفاضا فيما يتعلق بالتوظيف وفرص العمل لكننا لا نشهد تسريحات عمالية بشكل مقلق أنا منتبهة للمخاطر السلبية الآن على جانب التوظيف لكن ما أعتقد أننا نشهده وآمل أن نستمر في رؤيته، هو اقتصاد جيد ومتين".

تباطؤ الاقتصاد الصيني

يشير تباطؤ الاقتصاد الصيني إلى أن الحكومة ترغب الحكومة والسلطات المالية في رؤية خفض أسعار الفائدة لتوفير بعض الدعم الاقتصادي.
ولكن الآن يتحرك بنك الشعب الصيني في الاتجاه المعاكس بما في ذلك بيع السندات بأسعار أقل لزيادة عائداتها وبما أن الضعف الحالي في الاقتصاد الصيني الحالي يعزى إلى حد كبير إلى تباطؤ نمو الطلب المحلي فإن الحكومة بحاجة إلى التركيز على تحفيز الطلب المحلي.

إشارات تحذيرية للمستثمرين

في منتصف الشهر الماضي حذرت صحيفة فاينانشال تايمز من أن "سوق السندات الصينية تلوح الآن بإشارات تحذيرية انكماشية عاجلة"، ثم أضافت بأن "صناع القرار لابد وأن ينتبهوا إلى هذه الإشارات"، كما أدرك بنك الشعب الصيني الآن الحاجة إلى تغيير سياسته الرسمية.
وبحسب تقرير موثوق، انهارت ثقة المستثمرين في منطقة اليورو وألمانيا حيث يحافظ البنك المركزي الأوروبي على "عقل منفتح" بشأن خفض أسعار الفائدة، وهو ما يعتبره البعض سياسة نقدية غامضة توجد حالة عالية من عدم اليقين.

تفاقم أزمات الدول النامية

مع تزايد احتمالات الركود، يحذر قادة الأعمال والسياسة من تفاقم الأزمة المالية في المستقبل. فالركود يخلف عواقب مأساوية على البلدان النامية حيث أن الاقتصاد العالمي يعيش بالفعل حالة من الاضطراب ومن المرجح أن تتحمل البلدان النامية العبء الأكبر من هذه الاضطرابات.