الحب للوطن أمر فطري، ولا ينفك عن الإنسان، ويحمله معه حيثما رحل وارتحل، ويتجدد هذا الحب مع ذكرى اليوم الوطني «94»، هو يوم استثنائي من أيام السنة يأتي لتعزيز قيم الانتماء لهذ البلد العظيم والمعطاء، وتذكيرا باللحمة والوحدة الوطنية، وتجسيدا للتلاحم والترابط بين المواطنين والقيادة الرشيدة.
في هذا اليوم تشرق مظاهر الحب والانتماء في مختلف أرجاء البلاد، ويحتقل به بأنشطة وفعاليات متعددة ومتنوعة، وقد قيل في مدحه وعشقه الكثير ما بين نثر وشعر، ومن جميل ما ذُكر عن الوطن ما قاله الشاعر «المتشائم» ابن الرومي: ولي وطنٌ آليتُ ألا أبيعَهُ... وألا أرى غيري له الدهرَ مالكاً، وحبَّبَ أوطانَ الرجالِ إِليهمُ... مآربُ قضاها الشبابُ هنالكا، إِذا ذَكَروا أوطانهم ذكرَّتهمُ عهودَ الصِّبا فيها فَحنُّوا لذاكا، وصدق مصطفى صادق الرافعي أيضا حين قال: بلادي هواها في لساني وفي دمي.. يمجدُها قلبي ويدعو لها فمي.. ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ.. ولا في حليفِ الحب إن لم يتيم.
اليوم الوطني هو إظهارٌ الفرح والسرور والبهجة، ومعه كذلك نتذكر الانتماء والعمل من أجله. فحب الوطن يكون على صور وأشكال متعددة من البذل والعمل، والعطاء والتضحيات. وأنه لمن الرائع أن نمدحه ونتغنى به، ولكن الأكمل أن توافق الأفعال الأقوال ليظهر ذلك واضحا في إداء واجباتنا تجاه، والعمل من أجل مصلحته، والتفاني في وحدته.
ويأتي هذا اليوم ليذكرنا بيوم الإعلان عن توحيد المملكة على يد الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود -طيب الله ثراه- تحت مسمى «المملكة العربية السعودية» ومنذ ذلك الحين والمملكة تشهد تطورات كثيرة ومتنوعة في مجالات شتى منها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية لتتوج ذلك بأن تصبح من ضمن مجموعة العشرين «تمثل 90% من إجمالي الناتج القومي لدول العالم، و80% من حجم التجارة العالمية، إضافة إلى أنها تمثل ثلثي سكان العالم».
ولعلنا نتذكر في هذا اليوم أيضا المسؤولية الاجتماعية للوطن، وهي تأخذ أنماط مختلفة مثل: الأعمال التطوعية والخيرية، والمحافظة على البيئة، ومحاربة الفساد بشتى صوره، والتربية على حب الوطن، ونشر الوعي المجتمعي، والحرص على تطبيق النظام والالتزام به، والسعي في الإصلاح بين الناس، والمحافظة على الممتلكات العامة، والمحافظة على الأماكن العامة والمنتزهات، والترشيد في استهلاك الكهرباء والمياه، واستخدام الطاقة النظيفة والصديقة للبيئة، والبعد عن الاستهلاك غير المبرر للموارد الطبيعية أو العبث بها، وعدم الإسراف والتبذير في الملبس والمطعم و المشرب، وغيرها من الأمثلة العديدة التي تصب في المصلحة العامة للمجتمع.
وفي أجواء اليوم الوطني لا بد من أن نتذكر دوما ولا ننسى أبدا ما يبذله جنودنا البواسل على الحدود من التضحيات «ردهم الله لنا سالمين وغانمين»، من أجل الدين والوطن، ومن أجل حمايته ودفاع عنه لننعم جميعا بفضل الله بالأمن والأمان.
ومفهوم حب الوطن والعمل من أجله هي مسؤولية الجميع في شتى الأعمال والوظائف والمناصب في القطاع العام والخاص، وبغض النظر عن حجم العمل المناط بنا، فحتى إماطة الأذى عن الطريق هي تصب في مصلحة الوطن.
الوطن ولاء وانتماء، وحقوق وواجبات، وتضحيات وعطاء، وبذل وعمل.
@abdullaghannam