عبدالله صايل


الأرقام التي تظهر على بوابة الهيئة العامة للإحصاء، تحت تبويب «الأسرة المعيشية»، تشير إلى نسب تستحق الالتفات، وتقوم الهيئة بحساب الإعالة على أساس المعالين ممن يحتاجون إلى مساندة اقتصادية لكل 100 من السكان المنتجين اقتصاديا، وذلك في منطقة جغرافية معينة، أما من الناحية الديموغرافية «المكون البشري في هذه الجغرافيا أو تلك»، فإن الإعالة تحتسب على أساس السكان المعتمدين اقتصاديا على غيرهم ممن يبلغون من العمر 15 عاما وأقل، ومن يبلغون 65 عاما وأكثر، ويغادر هذه العيّنة ليدخل في معيار المائة المنتجين، كل من يبلغ عمره 15 عاما وحتى 64 عاما، ويعتبر منتجا اقتصاديا.
وتأتي المنطقة الشرقية بنسبة إعالة تقدر بـ 31.9%، وهي من ضمن الأقل على المستوى الوطني، ولا يقل عنها سوى منطقتي مكة المكرمة والرياض بنسبة إعالة بلغت 31.9% للأولى و 29.2% للثانية، وهذا مؤشر يدل ضمنيا على أن نسب التوظيف في هذه المناطق ضمن الأحسن حالة، ناهيك عن أنها من المناطق الجاذبة مدنيا بسبب جودة البنى التحتية، وارتفاع معدلات جودة الحياة، كما توفر فرصا وظيفية جيدة بسبب ثقلها الاقتصادي.
ومن أعلى المناطق الجغرافية في نسب الإعالة منطقة الجوف التي سجّلت نسبة بلغت 53.3%، وهذا معناه أن هناك أكثر من 53 فردا بحاجة للإعالة الاقتصادية مقابل كل 100 فرد منتج اقتصاديا، وفي المركز الثاني، جاءت منطقة الحدود الشمالية بنسبة إعالة بلغت 48.8%، وتلاهما نجران بـ 47.4%، ثم جازان بـ 43.4%، ثم تبوك بـ 41.8%، ويليها الباحة بـ 40.3%. أما المناطق التي تراوحت فيها نسب الإعالة بين 39% و 36%، هي على الترتيب من الأعلى إلى الأدنى حائل، عسير، المدنية المنورة والقصيم.
هذه الإحصاءات بدروها تلفت انتباهنا إلى أن المجتمع لا يزال متماسكا بنسبة مميزة، وفي الناس خير كثير، لكن المسؤوليات تتعاظم، ومستويات الإنفاق تتزايد، والمعيل الأعزب اليوم هو في الغالب رب أسرة في الغد، وصاحب أو صاحبة تطلعات حياتية أو معيشية دارجة في المستقبل، وفي ضوء ظهور هذه التغيرات التي تحيط بالمعيلين، يأتي التحدي الأهم عبر سؤال يقول: من يكفل استدامة هذه الإعالة؟ وما الذي سيجعلنا نعمل باستراتيجية واضحة تعمل عل الحد من تزايد الأعداد المرتبطة بالإعالة؟
من الحلول، أن نعمل معا على إعادة توجيه بوصلة العمل السياحي، واستحداث برامج لتنشيط الحركة السياحية ودفع الناس محليا وإقليميا إلى زيارة مناطقنا التي تحتاج إلى تنمية سياحية، الأمر الذي سيتيح فرصة هائلة لتنمية الحراك الاقتصادي وتوفير وظائف لمختلف الفئات العمرية، حتى وإن كانت وظائف موسمية، وحشد خبرات رواد الأعمال وجمع رؤاهم للخروج بأفكار عملية تنهض بجانب الاقتصاد المجتمعي.
ختاماً، ومع بروز مفهوم المسؤولية الاجتماعية في السنوات العشر الأخيرة، أرى أنه من الواجب اليوم أن نعمل على إعادة توجيه البوصلة في جانب العمل الخيري، ليصل عطاء المجتمع السعودي بشكل أفضل إلى المناطق التي تسجل نسبا مرتفعة في جانب الإعالة؛ ومن المهم أيضا أن نشجع القطاع الخاص على استكشاف فرص المسؤولية الاجتماعية المتجددة في هذه المنطقة وتلك، وتطوير خطط تشجع القطاع الخاص على تنشيط حراك المسؤولية الاجتماعية ويكفل استدامتها.
@abdullahsayel