أ. د. مسفر الوادعي


تتميز المجتمعات والدول بتميز أفرادها ورقيهم علمياً وفكرياً وانعكاس ذلك واقعاً عملياً في سلوكهم اليومي. ومن أبرز الجوانب التي تعكس مستوى الوعي المجتمعي العناية بالمرافق العامة من الحدائق والممرات والطرقات والمصليات وغيرها، إلا أنه من المؤسف ما نلاحظه جمعياً وبصورة شبه يومية الاعتداء غير المبرر على المرافق العامة.
فعلى سبيل المثال، عندما يسافر أحدنا سالكاً طريق البر قلماً يجد مكاناً مهيأً للجلوس أو للصلاة وإن وجد فيلحظ أن هناك متابعة دقيقة من صاحب المنشأة للحد من الاعتداءات الفردية عليها. ومع تعدد المواسم الدينية والثقافية والرياضية والتقنية التي تشهدها بلادنا الحبيبية بين الحين والآخر، واستقبال الملايين من المعتمرين والزوار والسائحين؛ تعظم الحاجة للعناية بالمرافق العامة سواءً من الجهات المعنية بالتصميم والتنفيذ كالبلديات والأمانات، وإدراك أن التصميم والتنفيذ السيء للمنشأة لا يصمد ولا يقاوم الاستخدام المستمر وخصوصاً في المواقع التي تشهد كثافة بشرية كالحدائق والمنتشرة في المدن والقرى، وضرورة تفعيل الضمان الإنشائي وتشديد الرقابة في ذلك وخصوصاً في السنوات الخمس الأولى بعد الاستلام.
وفي المقابل تفعيل الجانب الرقابي والعقابي لأولئك العابثين المعتدين والمستهترين بالمرافق العامة لردعهم وكف أذاهم عن الآخرين، والتشهير بهم وإلزامهم بإصلاح ما أتلفوه لأن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وحرم الاعتداء على أموال الناس وابتزازها بغير حق، وشرع ضمان ما أتلف منها بغير حق، ولو عن طريق الخطأ.
كما يجدر العناية بتفعيل الحملات التوعوية بأهمية المرافق العامة من خلال المؤسسات التعليمية كالمدارس والجامعات باعتبارها القاعدة العريضة التي تضم الشريحة العظمى من المجتمع، وتفعيل منبر الجمعة لمناقشة تلك القضايا من زاوية شرعية وطرح الحلول الناجعة لذلك لا سيما مع ورود النصوص الشرعية المتوعدة للعابثين بظل الأشجار وممرات الطرق كما جاء في جاء حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ» قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» رواه مسلم.
وأخيراً إسهام المحاكم الشرعية في العناية بالمرافق العامة من خلال تضمين الأحكام الشرعية التعزيرية المشاركة في العناية بالمرافق العامة وتقديم الخدمة بها، وبذلك يتحقق العناية بها وصيانتها، وتقديم الخدمة بالمجان وهذا أمر معمول به في عدد من دول العالم، وأخيراً العناية بالمرافق العامة حق مكتسب للأجيال القادمة فلنحافظ عليه.
* جامعة الملك خالد
@mesfer753