د.محمد العرب


في عالم مليء بالتحديات، تجد الإنسان عالقاً في عادات يومية لا يدرك مدى تأثيرها السلبي على حياته..! الكثير من الناس يعتقدون أن هذه العادات غير مؤثرة، لكن العلم يؤكد عكس ذلك، هي ليست مجرد سلوكيات مكررة، بل هي قرارات يومية تؤدي إلى تدمير الإنتاجية، الصحة النفسية، وحتى السعادة الشخصية..!
لنأخذ عادة التأجيل المستمر، وهو ما يعرف في علم السلوك النفسي بالتسويف الذي يعتبر أحد أهم أسباب زيادة القلق والتوتر، التسويف يؤدي إلى تراكم المهام وزيادة الشعور بالذنب والضغط النفسي، مما يقلل من قدرة الفرد على الإنجاز، عندما يختار الإنسان تأجيل مهمة ما، فإنه يخلق سلسلة من التأخيرات والضغوط المتزايدة التي تؤثر على أداءه بشكل عام.
إنه ليس مجرد عادة سيئة، بل هو حلقة مفرغة تدمر الإنتاجية.. كما أن التوقعات العالية من الآخرين تعتبر أيضاً من العادات التي يمارسها البشر دون وعي بتأثيرها السلبي، وهي عادة خطيرة تؤدي إلى خيبة أمل مستمرة، خاصة عندما لا يتم تحقيق ما توقعته، الناس يميلون إلى وضع توقعات غير واقعية من الآخرين، ما يؤدي إلى شعور دائم بالخذلان والانعزال، وهذا السلوك يخلق تباعداً بين الأشخاص، ويدفع الفرد إلى الشعور بالعزلة.

ولعل من اخطر آفات العصر الإفراط في استخدام التكنولوجيا، أن الاستخدام المفرط للهواتف الذكية يؤثر بشكل سلبي على الدماغ، ويقلل من قدرة الإنسان على التركيز لفترات طويلة، كما يرتبط بزيادة معدلات القلق والاكتئاب، خصوصاً بين الشباب والاستخدام المفرط للتكنولوجيا يعطل التواصل الحقيقي بين الأفراد، ويدفع الناس إلى الانعزال عن الواقع الاجتماعي لصالح العوالم الافتراضية التي لا تقدم سوى تفاعل سطحي.. التركيز على السلبيات عادة أخرى تسيطر على الكثير من الناس دون أن يدركوا أثرها، ويُعرف هذا الميل بالتحيز السلبي، حيث يميل الدماغ إلى التركيز على التجارب السلبية بشكل أكبر من التجارب الإيجابية، هذه العادة تدفع الفرد إلى تضخيم المشكلات وتجاهل النجاحات، مما يقلل من شعوره بالرضا والسعادة، الأشخاص الذين يركزون على السلبيات يميلون إلى الشعور بالتوتر المستمر وانخفاض مستوى الرضا والسكينة عن حياتهم.. كذلك السعي لإرضاء الجميع هو عادة أخرى تنتج عن شعور الإنسان بعدم الأمان الداخلي، الأشخاص الذين يسعون باستمرار لإرضاء الآخرين يعانون من انخفاض الثقة بالنفس وارتفاع معدلات التوتر.
هذه العادة لا تؤدي إلى الراحة، بل تجعل الشخص عالقاً في دوامة لا تنتهي من محاولة كسب قبول الآخرين، حتى على حساب سعادته الشخصية. المقارنة المستمرة بالآخرين تعتبر أيضاً من العادات الخاطئة التي تمارس بشكل يومي، إن مقارنة الفرد نفسه بالآخرين تؤدي إلى شعور بالنقص وعدم الرضا عن الذات، كلما زاد الشخص في مقارنة نفسه بمن حوله، كلما شعر بالإحباط والغيرة، هذه العادة تمنع الإنسان من التركيز على نفسه وتطوير ذاته، وتغرقه في دوامة من الاستياء المستمر.
ختاما..هذه العادات الخاطئة التي نمارسها بشكل يومي قد تبدو غير مؤثرة للوهلة الأولى، لكنها تترك آثاراً عميقة على صحتنا النفسية والجسدية. التغيير يبدأ من الوعي بهذه العادات والعمل على التخلص منها تدريجيًا. إذا لم ندرك حجم الأثر السلبي لهذه العادات، سنظل نعيش في دوامة من التوتر والتعاسة، دون أن نفهم السبب الحقيقي وراء هذا الشعور.
@malarab1