عبدالعزيز العمري - جدة

أكد مختصون أن الاهتمام بالصحة النفسية ليس مجرد ترف، بل هو حاجة أساسية تؤثر على جودة حياة الأفراد والمجتمعات. وأوضحوا في حديثهم لـ”اليوم” بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية أن القلق والاكتئاب واضطرابات النوم ليست مجرد حالات عابرة، بل يمكن أن تتحول إلى مشكلات مزمنة إذا لم تُعالج بشكل مناسب.

الصحة النفسية تشمل الفرد والمجتمع

وقالت المختصة في علم النفس د. سمر بن سيف: "أن الصحة النفسية ليست مجرد حالة نفسية مؤقتة، بل هي عامل حاسم يؤثر على جودة حياة الأفراد بشكل عام". وأشارت إلى أن القلق والاكتئاب واضطرابات النوم ليست حالات بسيطة يمكن تجاهلها، بل قد تتطور لتصبح مشاكل نفسية مزمنة تتطلب علاجًا متخصصًا ودعمًا مستمرًا.
وتؤكد د. "السيف" أن الاهتمام بالصحة النفسية لا يتوقف على الأفراد فقط، بل يشمل المجتمع بأكمله، حيث إن نشر الوعي بهذا الجانب يساهم في تعزيز التماسك الاجتماعي ويساعد في بناء مجتمع متفهم وداعم.

وشددت د. سمرعلى أهمية تقديم الدعم النفسي في بيئة العمل، موضحة أن الأشخاص يقضون جزءاً كبيراً من يومهم في العمل، وفي حال كانت البيئة غير ملائمة، فإن ذلك قد يزيد من الضغط النفسي لديهم. ورأت أن الشركات يجب أن تهتم بتوفير برامج دعم نفسي للموظفين، بما في ذلك جلسات استشارية وتدريبات على كيفية إدارة الضغوط. وتضيف أن وجود بيئة عمل داعمة لا ينعكس إيجابياً على الموظفين فقط، بل يساهم أيضًا في تحسين الإنتاجية العامة.

دور الأسرة في الدعم

وتطرقت د. سمر إلى دور العائلة في تعزيز الصحة النفسية لدى الأفراد، قائلة إن العائلة تمثل الركيزة الأساسية للدعم النفسي. وأوضحت أن على الآباء والأمهات الاستماع لأبنائهم بشكل إيجابي وبدون نقد جارح، وذلك لتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم ومشاركة مخاوفهم. وبيّنت أن المجتمع ككل له دور محوري في إزالة الوصمة المرتبطة بالاضطرابات النفسية، حيث يمكن للتثقيف المستمر أن يعزز من تقبل الأفراد لمفهوم الصحة النفسية كجزء أساسي من الرعاية الصحية.

وترى د. سمر أن هناك حاجة ملحة لتعزيز الوعي بالصحة النفسية، خاصة بين فئة الشباب. وأشارت إلى أن الكثير من الطلاب والمراهقين يواجهون ضغوطًا نفسية ناتجة عن التحديات الدراسية والتأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي. ولذلك، ترى أن المدارس يجب أن تعمل على توفير برامج دعم نفسي وتثقيفي للطلاب لمساعدتهم في التعامل مع هذه التحديات، مؤكدة أن الصحة النفسية السليمة منذ الصغر تساهم في بناء أفراد قادرين على التكيف مع متطلبات الحياة المستقبلية.

وأكدت على ضرورة تغيير النظرة السلبية تجاه الصحة النفسية، مشددة على أن طلب المساعدة النفسية يجب ألا يكون محط خجل أو وصمة عار، بل ينبغي النظر إليه كخطوة شجاعة نحو تحسين جودة الحياة. وترى أن المجتمع ككل يستطيع تحقيق الكثير من خلال التعاون المشترك لنشر ثقافة إيجابية تجاه الصحة النفسية، بحيث تصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة الأفراد اليومية، مما ينعكس بدوره على رفاههم النفسي واستقرارهم الاجتماعي.

أهمية التثقيف والتوعية

أكدت أخصائي أول نفسي، الدكتورة تركية الشهراني، أن العاشر من أكتوبر يمثل مناسبة عالمية مهمة لتعزيز الوعي بالصحة النفسية وإعطائها الأولوية في الرعاية والعناية. وأوضحت أن الصحة النفسية تعد جزءاً لا يتجزأ من الصحة العامة، مؤكدة على أهمية التوعية والتثقيف النفسي للفرد، لما لذلك من تأثير إيجابي على المجتمع. وأشارت الشهراني إلى أن الصحة النفسية لا تعني بالضرورة وجود المرض، بل تشير إلى قدرة الفرد على عيش حياته وأداء واجباته ودوره بصورة مستقرة وإيجابية.

وحول المستجدات في مجال الصحة النفسية، أكدت الدكتورة الشهراني على أهمية تعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل، مشيرة إلى أن هذه الجهود تهدف إلى رفع مستوى الوعي النفسي بين الموظفين والمدراء. وأوضحت أن بيئة العمل تؤثر بشكل مباشر على الحالة النفسية والمزاجية للموظفين، كما أن الإنتاجية والعطاء يرتبطان بشكل كبير بجودة الصحة النفسية للعاملين. وأشارت إلى ضرورة التعريف بمفهوم “الاحتراق النفسي الوظيفي”، الذي قد يصيب بعض العاملين في بيئات العمل ذات الضغط المرتفع.

وفيما يتعلق بالنصائح العامة، أكدت الشهراني أن الصحة النفسية تشكل جزءًا أساسيًا من جودة الحياة العامة. وأوصت بأهمية اكتساب مهارات التعامل مع الضغوط، والتعرف على أنماط التفكير الخاطئة التي تؤثر على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية، وقدرة الفرد على التفاعل الإيجابي مع الآخرين.