ماجد السحيمي يكتب:


أعود بالزمن إلى مقاعد الدراسة وبالتحديد إلى الصف الأول المتوسط، حينها أتذكر صديقي الجميل اللطيف عبدالله، هذا الصديق كان يجمع المتناقضات الجميلة وغير الجميلة في آن واحد.
أتذكر دائما أن المشاغبين كانوا كسالى وفاشلون وبليدون أيضا والمؤدبون ليسوا دائما كذلك بعضهم صامت في كل شيء خلقا وعلما والأغلب صامت خُلقا وشاطر علما.
عبدالله صديقي كان مختلفا كان شاطرا ومتفوقا ومن الخمسة الأوائل في صف يحوي أربعين طالبا كان كثير الكلام والحركات وكان مزعجا صاحب قفشات ومقالب فب زملاءه وحتى مدرسيه إلا أنه كان متفوقا صاحب تحصيل علمي عال.
وكان رساما فنانا يرسم بالألوان الشمعية حينها يجيد رسم الحمام والبحر والشجر والحجر بكل إتقان، وفي حصة الرياضة كان ثاني أفضل لاعب «بعدي طبعا» في الفصل كان يستلم الكرة من الحارس ثم يفرفر لاعبين الخصم واحد ورى الثاني يسدحهم حتي يودع الكرة في شباك الحارس المقابل ويقول «هاتها من الشبكة» لا عب حريًف بإمتياز، كثير الكلام في الفصل مع زملاءه لا يأبه لكلام المعلم ولا تهديده، حتى أن مرة هدده معلم بخصم من درجات السلوك فقال سأحقق علامة كاملة في الإختبار وأعوض وفعلها فعلا.
قلت له ذات مرة يا عبدالله الأخلاق قدمت على العلم، قال صحيح الأخلاق وليس الشغب فأنا خلوق لا أخطئ على أحد ولكني لست صامتا مثلك، فاكتشفت حينها أنني لم أفرق بين عديم الأخلاق والمشاغب وشتان بينهما، فقط كنت فرحا بتعلم تلك العبارة وأردت إستخدامها وليتني لم أفعل، فقد أخذ عبدالله بالطقطقة علي قائلا ماجد هو سيبويه صنع في الصين واستمر هذا التنمر يلازمني فترة من الزمن، قابلت عبدالله بعد سنوات طويلة وجدته شخصا وزينا ملتحيا ملتزما فقلت له «كنا فين وبقينا فين»، هل أنت عبدالله الذي كان يقف فوق الطاولة ويلسعنا بشماغة بعد أن يجعله كالدودة وتأتي وأصابعك ملونة من أثر الرسم وتوسخ ثيابنا؟ إبتسم كثيرا وقال وهل من ممحاة للماضي ؟
فقلت نعم، ولكن إن كانت ستمحي أيضا سيبويه صنع في الصين كذلك فأغشي عليه من الضحك وقال أو ما أمحوه هو سيبويه صنع في الصين فمقالاتك في الجريدة لما يقارب عقدين من الزمن تنفي تلك المقولة البائسة المتنمرة علي قبل أنت تكون عليك، فقلت أحلك الله وأباحك يا صديقي الدافور المشاغب الجميل.
@majid_alsuhaimi