د. محمد حامد الغامدي


- منذ عام «1975»، راهنت خطط التنمية السابقة على مخزون قيم الإسلام ومكارم أخلاقه لدى المجتمع. ذلك لاستيعاب التغيير، وتلافي سلبياته. ورغم أن كل شيء في بلدنا - أعزه الله - يحدث بميزان، وتخطيط، وبصيرة ذات حكمة، ركب البعض عن حسن نية موجة ما أسموه بـ»الصحوة». لم يسألوا من حركها ووجهها. البعض دفع الثمن حياته. أقنعوهم بأن تقديم أرواحهم واجب ديني. تجاهلوا قوله سبحانه: [وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ] البقرة:195.
- جعلوا الناس فريقين، فريق يطلب الموت مرضاة لله حتى بتفجير نفسه، وفريق آخر لا يرغب ملاقاة ربه خشية عذاب قبر فاحش مخيف. اختر بنفسك: ما يرونه شقاء الدنيا أم نعيم الآخرة، وجهوا الناس لمظاهر وقشور عبادة، لتلافي عذاب ما بعد الموت، تجاهلوا أن الحياة الدنيا وما يعززها من عمل وتعلم وابداع وتفكير هو عبادة.
- إن وظيفة العقل الطبيعية هي إنقاذ صاحبه من الموت وليس قيادته للموت والمهالك، وتحقيق هذا عبادة، إن وظيفة البشر الأساسية بناء الأرض بالعمل والتعلم والتفكير والإبداع، وتحقيق هذا عبادة، العمل عبادة رئيسية. يقول سبحانه وتعالى: [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ] الذاريات 56. هذه الآية لا تعني التفرغ للعبادة.
- تم حصر العبادة في طقوس ذات اتجاه واحد، تجاهلوا أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، ثم حصروا ذلك في قوة الإيمان وحده، تجاهلوا قوله تعالى: [وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ] الأنفال 60. وقوله سبحانه: [ولِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ‏] المنافقون 8. وأيضا: [وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ] آل عمران 139. تتحقق جميع غايات هذه الآيات بإتقان المهارات الدنيوية، وهذه عبادة.
- وجهوا الناس نحو «حفرة» ترك عبادة بناء الأرض، وصل بهم الأمر الدعوة لترك الدراسة والوظيفة من أجل التعبد بالجهاد، جعلوا مظاهر التدين في قوالب تقدم الجاهل منهم في المجالس على أكبر عالم في الطب، والتربية، والهندسة وعلوم الدنيا الأخرى، تجهيل الناس وتعظيم أنفسهم كانت وظيفتهم.
- من باب المقارنة، لم يكن لهم في أهل الغرب المتقدم درس وعبرة. وحتى لا يموتون أحياء نراهم يعيشون في تحدي وتنافس علمي مكانهم في الأرض قوة وسيطرة وحضارة، دون خوف وخشية من أحد، حتى من الموت، بل يتوقعونه برضى وسعادة، حتى قبورهم يشترونها في مواقع استثنائية كمقدمة للاحتفال بالموت.
- بالتصرفات غير السوية؛ والفهم الخاطئ لرسالة الإسلام، جعلونا نفقد فرح وبهجة مقابلة الله، حفروا للناس حفرة للعبادات تحت غطاء التقشف قولا وفعلا، مظهرا وهدفا. تجاهلوا أن العمل في الدنيا والتنافس فيه وعليه عبادة عظيمة، مربحة للمسلم، كل انجازاتهم التي سادت تعليق اللوحات الارشادية الزاهدة في الحياة، وتقديم من تاب من خريجوا السجون قدوة للشباب. كأنهم يقولون: انحرفوا ثم توبوا.
- تعمدوا تجنب علماء الطب، والفيزياء، وجيولوجيا، والزراعة، والإدارة، والتربية، والكيمياء، والرياضيات.. ألخ، وتقديمهم كقدوة للشباب، اعترضوا حتى على شكل أعمدة الضغط العالي للكهرباء بأنها تأخذ شكل الصليب. قشور برعوا في مجالها.
- في زمنهم لم أشاهد لوحة ارشادية تحث على الجد والاجتهاد والعلم والتعلم، غيبوا تحفيز الناس وتعزيز ضرورة بناء الأرض بتعلم العلوم الحديثة واتقان مهاراتها. ويستمر الحديث.
@DrAlghamdiMH