تحتفي هيئة المساحة الجيولوجية السعودية اليوم الأربعاء، بمرور 25 عامًا على تأسيسها في عام 1999م، مسجلةً مسيرة حافلة بالإنجازات الوطنية في مجالات الجيولوجيا والتعدين، التي امتدت لتغطي كافة مناطق المملكة من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها. على مدى ربع قرن، قامت الهيئة بتنفيذ العديد من المشاريع الهامة، بما في ذلك مسح مناطق الدرع العربي والغطاء الرسوبي، وتعزيز الوعي الثقافي والبيئي بالمخاطر والفرص الجيولوجية، مما جعلها رائدة في تحقيق التوازن بين الحفاظ على الطبيعة واستثمار مواردها، وبناء قاعدة بيانات معلومات جيولوجية تساهم في دعم جهود التنمية المستدامة.
خطط فنية تنفذها فرق متخصصة
وأكد المتحدث الرسمي للهيئة، طارق أبا الخيل، أن الهيئة استمرت في تنفيذ خططها الفنية منذ تأسيسها، مركزة على أعمال المسح الجيولوجي والاستكشافات المعدنية في جميع مناطق المملكة، وذلك عبر فرق عمل متخصصة من الجيولوجيين والخبراء. وأشار أباالخيل إلى أن الهيئة، خلال ربع قرن من العمل الدؤوب، تمكنت من تحقيق العديد من الاكتشافات المهمة والمتنوعة، بما في ذلك المعادن النفيسة مثل الذهب والحديد والمعادن الحرجة والصناعية، بالإضافة إلى اكتشافات الأحفورية التي تجاوزت أعمارها ملايين السنين والمعالم الجيولوجية الفريدة المنتشرة في صحاري المملكة.
وتابع حديثه بأن الهيئة تبنت مجموعة من المبادرات الرائدة تحت مظلة برنامج الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب)، لتعزيز الاستكشاف التعديني والمساهمة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
هذه المبادرات تهدف إلى جعل التعدين الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني بعد البترول والبتروكيماويات، ومن بين هذه المبادرات البرنامج العام للمسح الجيولوجي الذي يهدف إلى بناء قاعدة بيانات وطنية مطورة تسهل الوصول إلى المعلومات الجيولوجية لدعم الباحثين والمستثمرين في اتخاذ قرارات مستنيرة. كما أوضح أن الهيئة قامت بتطوير مكتبة عينات الحفر لدعم البحث العلمي، وتوفير عينات جيولوجية لدراسة تاريخ الأرض، وإنشاء مركز للتميز في قطاع التعدين والصناعات المعدنية لتعزيز الابتكار وتطوير تقنيات جديدة في هذا المجال.
الوعي المجتمعي بالمخاطر الجيولوجية
وأشار أباالخيل إلى أن الهيئة لم تكتفِ بمشاريع الاستكشاف والتعدين، بل عززت أيضًا الوعي المجتمعي بمفهوم المخاطر الجيولوجية وأنواعها، ومدى تأثيرها على البيئة والمجتمع. كما سلط الضوء على الدور الحيوي الذي يلعبه المختصون من الهيئة في التعامل مع هذه المخاطر وتقديم الحلول المستدامة والفعّالة للحد من آثارها السلبية، في إطار استراتيجية شاملة لحماية البيئة والمجتمع.
وفيما يتعلق بمياه زمزم، أوضح أباالخيل أن الهيئة تلعب دوراً هاماً في متابعة ديمومة وسلامة مياه زمزم من خلال المراقبة المستمرة والاختبارات اللازمة للتأكد من خلوها من الشوائب. كما أشار إلى أن الهيئة قامت بتفعيل عدد من الشراكات المحلية والدولية، بما في ذلك التعاون مع بعثات جيولوجية أمريكية وفرنسية وسودانية، مما عزز من نجاح الهيئة على المستوى العالمي والمحلي. وفي هذا السياق، أفاد بأن الهيئة استضافت في مقرها فرعًا لحاضنة الأعمال (نثري) التي من شأنها تعزيز الابتكار والمساهمة في تحقيق أهداف الاستكشاف التعديني.
مواكبة التحول الرقمي
على صعيد التحول الرقمي، أكد أباالخيل أن الهيئة تواكب التطورات التقنية من خلال منصة "رواسي" الرقمية، التي تسهم في تعزيز التواصل مع المجتمع، وتفعيل الرقمنة لحماية الأفراد من المخاطر الجيولوجية. وتعتمد المنصة على أحدث ما توصلت إليه الأبحاث العلمية في هذا المجال، وتقدم مجموعة من الخدمات تشمل التحليل والاختبارات الجيولوجية عبر معامل متخصصة، إلى جانب توفير البيانات والمعلومات الرقمية التي تدعم الدراسات والاستشارات.
وتقدم المنصة أيضًا خدمة مراجعة واعتماد الدراسات الفنية لضمان الجودة، كما أطلقت الهيئة متجرًا للكتب والمعاجم الجيولوجية لتسهيل الوصول إلى معلومات موثوقة في مجال الجيولوجيا.
وفي ختام حديثه، أكد المتحدث الرسمي أن الهيئة ستواصل، بإذن الله، تقديم قفزات نوعية على مستوى عالمي في مجالات الجيولوجيا والتعدين، وتوسيع نطاق إنجازاتها ومشاريعها الفنية لتحقيق مستقبل واعد. كما ستعمل الهيئة على دعم مشاريع التنمية واستغلال الفرص التي توفرها الثورة الصناعية الرابعة بما يسهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030. وفي إطار تعزيز التواصل مع المجتمع، دعا أباالخيل الجميع إلى المشاركة في المساحة الحوارية التي ستنظمها الهيئة عبر منصة "إكس" يوم غدٍ الخميس الموافق 24 أكتوبر 2024، الساعة الواحدة ظهرًا، ولمدة ساعة، والتي ستستضيف خلالها عددًا من الرؤساء المؤسسين والمسؤولين لمناقشة مسيرة الهيئة وإنجازاتها.