د. لمياء البراهيم


التحول الرقمي في القطاع الصحي يُعد خطوة أساسية لتحسين جودة الرعاية الصحية وتسهيل تقديم الخدمات للمرضى، واستجابة للتطور التكنولوجي السريع، الذي يهدف إلى جعل المعلومات الصحية أكثر تيسيرًا وسهولة في الوصول.
الرؤية الوطنية دعمت التحول الرقمي في المملكة ومنه قطاع الصحة، ومكنت قيادات متخصصة في التقنية وإدارة نظم المعلومات، والمعلوماتية الصحية، وبتضافر الجهود المؤسسية تم اطلاق العديد من البرامج في الصحة، وكانت كلمة معالي وزير الصحة في ملتقى الصحة العالمي بنسخته السابعة ملهمة ذكر فيها الإنجازات الصحية، والمشاريع المستقبلية، وتشجيع الاستثمار في الصحة، مع الشفافية في طرح التحديات والتي منها الاحتراق الوظيفي للعاملين في الصحة.
الملف الصحي الإلكتروني الموحد من المشاريع الرائدة التي فعلتها وزارة الصحة رغم صعوبتها والتحديات الكبيرة في تنفيذه، وهو يشكل جزءًا هامًا من مستقبل الرعاية الصحية المتكامل، فهو بمثابة بنك للمعلومات الصحية الخاصة بكل مريض ويمكنه من الانتقال بين مختلف العيادات أو المستشفيات مع ضمان الاحتفاظ بسجله الصحي، كما يسهل هذا النظام على الأطباء الوصول إلى تاريخ المريض الطبي، مما يُسهم في تقديم تشخيص أكثر دقة، وتقليل الأخطاء الطبية التي قد تحدث نتيجة فقدان أو عدم دقة المعلومات.
يُعتبر التطبيق السريع لهذه الأنظمة الإلكترونية إنجازًا بحد ذاته، إذ أن التحول الرقمي يحتاج إلى موارد وجهود كبيرة لتطبيقه ، وهو ما يعكس حرص وزارة الصحة على التقدم والابتكار في تحسين جودة الخدمات الصحية، والتطلع للتطوير المستمر، ومن ذلك نية استخدام الذكاء الاصطناعي، ونأمل أن يشمل ذلك مراجعة الإجراءات التي كان يتطلبها النظام الورقي لتخفيفها في التحول الرقمي لتعزيز كفاءته.
كما أن الأعطال التقنية المستمرة والبطء في معالجة البيانات هي أمرا متوقعاً في بدء أي نظام جديد أو تحديثه المستمر ولكنها تعوق قدرة الكوادر الصحية في الميدان على تقديم الرعاية الصحية بشكل سلس، ويزيد من الضغط المؤدي إلى تأخير تقديم الخدمات الطبية، وتؤثر سلبًا على تجربة المريض، حيث يجد المستخدمون للملف الطبي محاصرين بين متطلبات النظام الإلكتروني وبين التعامل مع المرضى الذين ينتظرون بفارغ الصبر تلقي الرعاية اللازمة.
نجاح أي نظام إلكتروني يعتمد على استمرارية الجودة والقدرة على التكيف مع متطلبات العاملين والمرضى على حد سواء، وكانت استراتيجية «نفذ وصحح»، ناجحة في تسريع عملية التحول، مما أتاح بدء العمل بالنظام الجديد بسرعة مع تحسينه بمرور الوقت، وهي فعالة في تحقيق تقدم ملموس على المدى القصير، وتتطلب إدارة قريبة من العاملين، وعلى الاستجابة السريعة للمشكلات التي قد تنشأ وبصلاحيات تأمين الحلول السريعة كذلك.
لضمان استمرارية التحول الرقمي بشكل فعّال، فقد يساهم تبني بعض الإجراءات والحلول العملية تجاوز العديد من التحديات مما يضمن تقديم الخدمات الطبية بدون تعطل.
وختاما، الإنجازات الصحية تعكس جهوداُ يشاد بها في المملكة، فرغم التحديات الصحية العالمية إلا أن السعودية ظلت تحقق الإنجازات في العديد من القطاعات ومنها قطاع الصحة، وملتقى الصحة العالمي كان مرآة تعكس هذه الإنجازات.
@DrLalibrahim