خواطر الشهري


من متع الحياة، متعة المعرفة والتعلم؛ فكلما تمكنت من شيء ما، أبحرت فيه أكثر لتزداد خبرتك، وكلما علَت مَلكَة المعرفة لديك، اكتسبت معلومات وخبرات جديدة تضيفها إلى مجالك الرئيس، وكلها تصب في تطوير ذاتك وزيادة خبرتك ومهاراتك.
لا عيب في صب تركيزك في اتجاه واحد، لتكون ضليعاً فيه، وبيت خبرة في مجال واحد؛ ولا عيب أيضاً في تنوع معرفتك، وامتلاكك علم في معارف متعددة؛ ولكن الخطأ الجسيم الذي قد تقع فيه هو «الـ أنا!» بمعنى تضخم ذاتك حتى تكاد أن تتشبه بالبالون الذي يتفرقع بلمسة دبوس بسيطة! حتى تكاد أن تقول؛ أو بالأصح تصل إلى قول: أنا العلم، ومن هو أنت؟
أحياناً! تنجذب إلى الشخصيات الواثقة، وتحب أن يكون مقعدك قريباً منهم، لتنهم زبدة طريقهم، ولتتعلم بثقة من علومهم، ولتكتسب الثقة الظاهرة في شخصياتهم، ولكن! قد تقع تحت تأثير لمعة البالون الفارغ، الذي يجذبك ظاهره، ولكنه معبأ بالهواء فقط!
الأنا العالية والمتضخمة، تمنع الكثير من الصحبة، باستثناء صحبة أمرين! أولهما صديق وفيّ مازال مؤمن بوجدك داخل هذا البالون، حتى ييأس من الوصول إليك، وثانيهما المنافق الذي يريد منك امراً فيصبر حتى يحظرك! وفي كل الأحوال يا الأنا العالية، ستجد لتضخمك أسباباً كثيرة تداوي وحدتك، التي قد يكون أحدهما وهو الأهم، من أرادني فليتقبلني كما أنا!
«فلتتقبلني كما أنا» «أنا لا أفرق في تعاملاتي مع أحد، حتى في تعاملاتي مع عائلتي» ألم ترَ العلة إلى الآن؟
لا تغير نفسك لأجل أحد، بل لأجل نفسك، فهل قيمتها ولو مرة؛ هل وضعت ولو احتمالية واحدة على الأقل، بأنك العنصر الكارثي في علاقتك مع الناس، وبتحويلك السهام إليهم هو تبريرٌ لنفسك بأنك محارب منكوب، وأنك في «حوبة» ستقطف ثمرتها غداً!؛ هل جربت أن تنسلخ من الأنا المتضخمة، وتجلس مع ذلك الإنسان الذي بنيت طبقات كثيرة حوله لتحميه!
جرب في يوم فراغك أن تجهز استبياناً لعدد من التساؤلات التي سمعتها عنك، أو تتحاشى الخوض فيها، وجدول ارسالها إلى نفسك في أيامٍ وأوقاتٍ ممتدة إلى مدد مختلفة، لتصلك في مرحلة قد أسعِفت أن تفكر ملياً بالإجابات التي ستجيبها؛ وعند انتهاء الجدولة، ادخل على الاستبيان واقرأ نفسك، ثم قيمها.
@2khwater